ما ذكرناه سابقاً هو التحرز من العين قبل وقوع الضرر ، أما بعد وقوع الضرر والأذى فيتقى شر العين بأمور هي : أولاً : العلاج بالاغتسال إذا عُرف العائن وحُدد .ثانيا : العلاج بالرقى والتعاويذ إذا لم يُعرف العائن .ثالثاً : الـنُـشـرةوسنتحدث عن كل من وسائل العلاج هذه بشيء من الايجاز ، فنقول :أولاً : العلاج بالاغتسال إذا عُلم العائن وحُدد علاج المعيون إذا أصيب بضرر أن يؤمر العائن إن كان معلوماً معروفاً بالاغتسال له ، بكيفية معينة ، وأن يصب عليه الماء بطريقة خاصة سنبينها ، فما دليل الاغتسال ؟ وما كيفيته ؟ وما الحكمة والعلة من ذلك ؟* دليل اغتسال العائن للمعيون :خرج مالك وغيره من أهل السنن عن ابن شهاب عن أبي أمامه بن سهل بن حنيف قال : " رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل ، فقال : والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة عذراء ، قال : فلبط سهل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيط عليه وقال : علام يقتل أحدكم أخاه ؟ ألا بركت ، اغتسل له ، فغسل له عامر .. " الحديث .وفي رواية : " إن العين حق ، توضأ له ، فتوضأ له " .وعن معمر عن ابن طاوس عن أبيه مرفوعاً : " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، فإذا استغسل أحدكم فليغتسل " .* حكم هذا الغسل :الوجوب ، لأن الأمر للوجوب ما لم يصرفه صارف قال ابن عبد البر في شرحه لحديث مالك السابق : ( وفيه أن العائن يؤمر بالاغتسال للذي عانه ، ويجبر – عندي – على ذلك إن أباه لأن الأمر حقيقته الوجوب ، ولا ينبغي لأحد أن يمنع أخاه ما ينتفع به أخوه ولا يضره هو ، ولا سيما إذا كان بسبب ، وكان الجاني عليه ، فواجب على العائن الغسل ، والله أعلم ) .وقال الحافظ بان حجر في شرح قوله صلى الله عليه وسلم : " وإذا استغسلتم فاغسلوا " ( وهي أمر العائن بالاغتسال عند طلب المعيون منه ذلك ، ففيها إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معلوماً بينهم ، فأمرهم أن يمتنعوا منه إذا أريد منهم ، وأدنى ما في ذلك رفع الوهم الحاصل في ذلك ، وظاهر الأمر الوجوب ، وحكى المازري فيه خلافاً ، وصحح الوجوب ، وقال : متى خشي الهلاك ، وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به فإنه يتعين ، وقد تقرر أنه يجبر على بدل ذلك الطعام للمضطر وهذا أولى ) .وقال القرطبي : ( العائن إذا أصاب بعينه ولم يبرّك فإنه يؤمر بالاغتسال ويُجبر على ذلك إن أباه ، لأن الأمر على الوجوب ، لا سيما هذا ، فإنه قد يخاف على المعين الهلاك ، ولا ينبغي لأحد أن يمنع ) .* كيفية اغتسال العائن للمعيون :خرجا حمد والنسائي وصححه ابن حبان من طريق الزهري عن أبي أمامه بن سهل بن حنيف " أن أباه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو ماء ، حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة ، اغتسل سهل بن جنيف _ وكان أبيض حسن الجسم والجلد – فنظر إليه عامر بن ربيعه فقال : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخباة ، فلبط – أي صُرع وزناً ومعنى – سهل بين حنيفة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل تتهمون به من أحد ؟ قالوا : عامر بن ربيعه .. فدعا عامراً فتغيظ عليه ، فقال : علام يقتل أحدكم أخاه ؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت ؟ ثم قال : اغتسل له ، فغسل وجهه ويديه ، ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ، ثم يصب ذلك الماء عليه رجل من خلفه على رأسه وظهره ، ثم يكفأ القدح ، ففعل به ذلك ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس " .قال المازري : المراد بداخلة الإزار الطرف المتدلي الذي يلي حقوه الأيمن .. قال : فظن بعضهم كناية عن الفرج .وقال ابن القيم تحت عنوان " رفع الضرر بالغسل " : ومنها أن يؤمر العائن بغسل مغابنه وأطرافه ، وداخلة إزاره ، وفيه قولان أحدهما : أنه فرجه .والثاني : أنه طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده من الجانب الأيمن ، ثم يصب على رأس المعين من خلفه بغتة ، وهذا مما لايناله علاج الأطباء ، ولا ينتفع به من أنكره ، أو سخر منه ، أو شك فيه ، أو فعله مجرباً لا يعتقد أن ذلك ينفعه .أولاً : الحكمة والعلة في اغتسال العائن للمعيون بهذه الكيفية :قال ابن القيم : ( فاعلم أن ترياق سم الحية في لحمها ، وأن علاج تأثير النفس الغضبية في تسكين غضبها وإطفاء ناره بوضع يدك عليه والمسح عليه وتسكين غضبه ، وذلك بمنزلة رجل معه شعلة من نار ، وقد اراد أن يقذفك بها ، فصببت عليها الماء وهي في يده حتى طفئت ، وذلك أمر العائن أن يقول : اللهم بارك عليه .. دفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذي هو إحسان الى المعين ، فإن دواء الشيء بضده ، ولما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد ، لأنها تطلب النفوذ فلا تجد أرق من المغابن وداخلة الإزار ، ولا سيما إن كان كناية عن الفرج ، فإذا غسلت بالماء بطل تأثيرها وعملها ، وأيضاً فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص ، والمقصود أن غسلها بالماء يطفئ تلك النارية ، ويذهب بتلك السمية ، وفيه أمر آخر ، وهو وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها تنفيذاً ) .ثانياً : العلاج بالرقى والتعاويذ النبوية :إذا لم يعرف العائن ولم يتمكن المعيون ولا غيره من تحديده وتعيينه ، يعالج المعين بالرقى والتعاويذ النبوية ، فهي أنجع علاج وأفضل دواء لذلك .لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاسترقاء من العين .فقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " أمرني النبي صلى الله عليه وسلم – أو أمر أن يسترقى من العين " وصح عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة ، فقال : " استرقوا لها فإن بها النظرة " .وعن اسماء بنت عميس قالت : يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين ، أفأسترقي لهم ؟ قال : نعم .ومن الرقى النافعة بجانب ما سبق ذكره في التحرز من العين ما يأتي :1) " أذهب البأس رب الناس ، أشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً " .2) رقية جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " باسم الله أرقيك ، من كل داء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك ، باسم الله ارقيك " .3) " اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، عليك توكلت ، وأنت رب العرش العظيم ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، أعلم أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ، وأحصى كل شيء عدداً ، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، وشر الشيطان وشركه ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم " .4) " تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء ، واعتصمت بربي ، ورب كل شيء وتوكلت على الحي الذي لا يموت ، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله ، حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الرب من العباد ، حسبي الخالق من المخلوق ، حسبي الرازق من المرزوق ، حسبي الله هو حسبي ، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء ، وهو يجير ولا يجار عليه ، حسبي الله وكفى ، سمع الله لمن دعا ، وليس وراء الله مرمى ، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " . وبالجملة فيجوز الاسترقاء بما سوى ذلك إذا توفرت في الرقية هذه الشروط : 1) إذا خلت من الشرك .2) إذا كانت باللسان العربي .3) إذا كانت بكلام معلوم مفهوم .* الاستشفاء والاسترقاء بالقرآن :القرآن فيه شفاء من كل الأدواء الحسية والمعنوية ، فيجوز الاستشفاء والاسترقاء به .. وللناس في الاستشفاء بالقرآن طرق عدة ، منها ما هو متفق عليه ، ومنها ما هو مختلف فيه ومنها ما هو ممنوع .فمن المتفق عليه بين أهل العلم :1) قراءة شيء من القرآن ثم النفث في اليد أو اليدين ومسح العضو المصاب وغير المصاب بهما .2) قراءة شيء من القرآن ثم النفث في سائل كالزيت والماء واللبن ونحوهما ، وشربه والتمسح به .ومن المختلف فيه :كتابة شيء من القرآن وتعليقه على بدن المريض أو المصاب بعد نزول البلاء ، فمن أهل العلم من أجاز ذلك ، منهم مالك ، ومنهم من منع منه لأنه لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ، وإن أثر عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه كان يُعلّم من عقل من أبنائه : " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة " .. ومن لم يعقل منهم كتبها وعلقها عليه .ومـن الـممـنـوع :1) كتابة شيء من القرآن في إناء ثم غسله وسقيه للمريض ، حيث لم يصح في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحبه الكرام .2) كتابة شيء من القرآن في ورقة " بخرة " ثم حرق ذلك بالنار واستنشاق المريض لهذا الدخان ، وهذه الطريقة أقبح من سابقتها ولا يحل استعمالها .قال ابن القيم رحمه الله : ( ورأى جماعة من السلف أن يكتب له – أي للمعيون – الآيات من القرآن ، ثم يشربها ، قال مجاهد : لا بأس إن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ، ومثله عن أبي قلابة ، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة يعسر عليها ولادها آيتان من القرآن ، يغسل ويسقى ، وقال أيوب السختياني : ( رأيت ابا قلابة كتب كتاباً من القرآن ، ثم غسله بماء وسقاه رجلاً كان به وجع ) .قلت : قول الصحابي وعمله حجة إذا لم يخالفه غيره ، أما إذا خالفه غيره من الصحابة فقوله ليس بحجة ، وقد خالف ذلك ابن مسعود وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم ، وإجابة الدعاء والشفاء من المرض ليس دليلاً على صحة الرقية إذا لم يكن لها مستند في الشرع .سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية عن كتابة شيء من القرآن في لوح أو إناء وغسله وشربه رجاء شفاء أو علم أو كسب ، فقالت : ( أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية ما لم تكن شركاً أو كلاماً لا يفهم معناه ، لما روى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك قال : " كنا نرقي في الجاهلية ، فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعرضوا عليّ رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك " .وقد أجمع العلماء على جواز الرقى إذا كانت على الوجه المذكور آنفاً مع اعتقاد أنه سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله تعالى ، أما تعليق شيء بالعنق أو ربطه بأي عضو من أعضاء الشخص ، فإن كان من غير القرآن فهو محرم ، بل شرك ، لما رواه أحمد في مسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صُفر ، فقال : ما هذا ؟ قال : من الواهنة .. فقال : انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً ، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً .وما رواه عن عقبة بن عامر عنه صلى الله عليه وسلم قال : " من تعلق بتميمة فلا أتم الله له ، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " ، وفي رواية لأحمد أيضاً : " من تعلق تميمة فقد أشرك " وما رواه أحمد وأبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " .وإن كان ما علقه من آيات القرآن فالصحيح أنه ممنوع أيضاً لثلاثة أمور :الأول : عموم أحاديث النهي عن تعليق التمائم ، ولا مخصص لها .الثاني : سد الذريعة فإنه يفضي إلىتعليق ما ليس كذلك .الثالث : أن ما علق من ذلك يكون عرضة للامتهان بحمله معه في حال قضاء الحاجة ، والاستنجاء ، والجماع ، ونحو ذلك .وأما كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس ، وغسله بماء أو زعفران أو غيرهما ، وشرب تلك الغسلة رجاء البركة ، أو استفادة علم أو كسب مال ، أو صحة أو عافية ، ونحو ذلك ، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله لنفسه أو غيره ، ولا أنه أذن فيه لأحد من أصحابه ، أو رخّص فيه لأمته ، مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك ، ولم يثبت في أثر صحيح فيما علمنا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه فعل ذلك أو رخص فيه ، وعلى هذا فالأولى تركه ، وأن يستغني عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى وما صح من الأذكر والأدعية النبوية ونحوها ، مما يعرف معناه ، ولا شائبة للشرك فيه ، وليتقرب إلى الله بما شرع رجاء التوبة ، وأن يفرج الله كربته ، ويكشف غمته ، ويرزقه العلم النافع ، ففي ذلك الكفاية ، ومن استغنى بما شرع الله أغناه الله عما سواه ، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .* متى يجوز أخذ الأجرة على الرقية :يجوز أخذ الأجرة على الرقية ، وإن كان احتسابها على الله أفضل وأنفع للراقي والمسترقي ، إذا توفرت فيها هذه الشروط :1) أن تكون رقية شرعية ، وهي التي تتوفر فيها الشروط الآنفة الذكر .2) أن يصح الانتفاع بها والشفاء بعدها .3) أن لا يبالغ في الأجرة ويستغل حاجة المرضى ، فتشمله حرمة بيع المضطر ، وليس في مبالغة أبي سعيد في الأجرة دليل لأحد في المبالغة ، لأن أبا سعيد غضب من أهل ذلك الوادي لعدم اقرائهم لهم مع حاجتهم الماسة للاقراء ، ولو أقروهم لما أخذ منهم شاة واحدة دعك عن مائة شاة ، فإنه اراد أن يعزرهم ويؤدبهم على سوء صنيعهم معهم .. ( وقد تعجبت كثيراً عندما علمت أن بعض الراقين يطلب في الجلسة الواحدة مائة ألف من الجنيهات ، اقتداء بالجشعين من الأطباء الذين جعلوا هذه المهنة الإنسانية مصدراً للغنى السريع باستغلالهم لحاجة الناس إليهم ، حيث لم ينصاعوا لقول نبيهم : " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " ، ولم يتأسوا بقول وفعل أبقراط الكافر ) .4) أن لا يأخذ ذلك مقدماً .قال ابن عبد البر رحمه الله : " وإذا كانت مباحة – أي الرقية – فجائز أخذ البدل عليها ، وهذا إنما يكون إذا صح الانتفاع بها ، فكل ما لا ينتفع به بيقين فأكل المال عليه باطل محرم " .حكم الذهاب إلى السحرة والكهان والمتشعوذين :لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يذهب إلى السحرة والكهنة والمشعوذين ، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وهم كل من له علاقة بالشياطين والكواكب والسحر ، ويستعمل الرقى الشركية ويمارس الحل والعقد ، وإن صلى وصام ، سواء كانت منتسباً إلى الإسلام أو كافراً مشركاً ، لقوله عز وجل : " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر " . الآية فمن ذهب إلى أحد من هؤلاء فصدقهم فيما يقولون فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، لقوله فيما صح عنه : " من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " .وإن ذهب ولم يصدقهم فيما يقولون لا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، بخبر الصادق المصدوق : " من أتىعرافاً فسأله عن شيء فصدقه ، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً " من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه ، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً " توفيقاً وجمعاً بين الحديثين .ثالثاً : حكم العلاج بالنُشرة المحرمة :تـعـريـف الـنُـشـرة :قال ابن السعادات : النُشرة ضرب من العلاج والرقية يعالج به من كان يظن أن به مساً من الجن ، سميت نُشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء ، أي يكشف ويزال .وقال ابن الجوزي : النُشرة حل السحر عن المسحور ، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر .أنـواع الـنُـشـرة : 1) نشرة بالرقى والتعاويذ والدعوات المباحة ، فهذه جائزة ومشروعة .2) نشرة محرمة ، وهي حل السحر بمثله ، أو العلاج بالسحر ، والاستعانة بالشياطين واستعمال الرقى الشركية .بعد أن أجمع أهل العلم على جواز النُشرة الشرعية اختلفوا في حكم ذهاب المضطر المسحور والمعيون ونحوهما ، الذين لم يجدوا من يعالجهم مما بهم من أدواء على قولين ، فمنهم من أجاز الذهاب ، منهم سعيد بن المسيب ، ويُحمل كلامه على ما لا يعلم أنه سحر ، ومنهم من منع ، منهم الحسن البصري .قال ابن القيم رحمه الله : " النُشرة حل السحر من المسحور ، وهي نوعان : حل بسحر مثله ، وهو الذي من عمل الشيطان ، وعليه يحمل قول الحسن ، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور .. والثاني النُشرة بالرقية ، والتعوذات ، وأدوية مباحة ، فهذا جائز " .ومما جاء في صفة النُشرة الجائزة ما روى ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ليث بن أبي سليم قال : بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى ، تقرأ في إناء فيه ماء ، ثم يصب على رأس المسحور ، الآية التي في سورة يونس " ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصح عمل المفسدين " إلى قوله تعالى " ولو كره المجرمون " ، وقوله " فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون " إلى آخر الآيات الأربع ، وقوله " إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " .وقال ابن بطال : في كتاب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ، ثم يضربه بالماء ، ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل ، ثم يحسو منه ثلاث حسوات ثم يغتسل به ، يذهب عنه كل ما به وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله .وقال : ومن الرقى التي ترد العين ، ما ذكر عن أبي عبدالله التناحي أنه كان في بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارهة ، وكان في الرفقة رجل عائن قلما نظر إلى شيء إلا أتلفه ، فقيل لأبي عبدالله : احفظ ناقتك من العائن ، فقال : ليس له إلى ناقتي سبيل ، فأخبر العائن بقوله ، فتحين غيبة أبي عبدالله فجاء إلى رحله فنظر إلى الناقة فاضطربت وسقطت ، فجاء أبو عبدالله فأخبر أن العائن قد عانها ، وهي كما ترى ، فقال : دلوني عليه ، فدُل ، فوقف عليه وقال : ( بسم الله ، حبس حابس ، وحجر يابس ، وشهاب قابس ، رددت عين العائن عليه وعلى أحب الناس إليه ، " فارجع البصر هل ترى من فطور ، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير " ) فخرجت حدقتا العائن ، وقامت الناقة لا بأس بها .روى ابن عبد البر بسنده إلى الأسود قال : سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النُشرة ، فقالت : ما تصنعون بالنُشرة والفرات إلى جانبكم ، ينغمس فيه أحدكم سبع انغماسات إلى جانب الجرية .وروي عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن الرجل يأبق له العبد أيؤخذه ؟ فقال سعيد : قد وخذنا فما رد علينا شيء ، أورد علينا شيئاً .وروي عن ابن جريج قال : سألت عطاء بن أبي رباح عن النُشرة ، فكره نشرة الأطباء ، وأما شيء تصنعه أنت فلا بأس .وعن سعيد المسيب في الرجل يؤخذ عن امرأته فيلتمس من يداويه ، قال إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع .وقال أحمد : رخص فيه بعض الناس وما أدري ما هذا ؟* نماذج لبعض العائنين والمعيونين : العين ليست قاصرة على الحاسدين ، فقد يعين الرجل الصالح إذا أعجبه شيء ولم يبرك من حيث لا يشعر ، قد يعين نفسه ، أو ولده ، أو ماله ، أو غيرهم .قال ابن القيم : " وقد يعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير إرادته " .وقال القرطبي : " إن الرجل الصالح قد يكون عائناً ، وأن هذا ليس من باب الصلاح ولا من باب الفسق في شيء " .ولكن أغلب ضرر العائنين يأتي من الحاسدين الحاقدين ، وإليك هذه النماذج من الصالحين وغيرهم :1) عامر بين ربيعة عان سهل بن حُنيف حتى سقط إلى الأرض رضي الله عنهما ، وقد مر .2) سعد بن أبي وقاص عانته امرأة عندما خرج يوماً وهو أمير الكوفة ، فنظرت إليه امرأة فقالت : إن أميركم هذا لأهضم الكشحين ، فرجع إلى منزله فوعك ، ثم إنه بلغه ما قالت ، فأرسل إليها ، فغسلت له أطرافها ثم اغتسل به فذهب ذلك عنه .. ( والكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف ، وهو من لدن السرة إلى المتن وهو موقع السيف من المتقلد ، واهضم الكشحين أي دقيق الخصرين ) .3) من العائنين المشهورين هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي ، فقد عان سالم بن عبدالله بن عمر ، حكي المدائني عن الأصمعي قال : حج هشام بن عبد الملك فأتى المدينة ، فدخل عليه سالم بن عبدالله بن عمر ، فلما خرج من عنده قال هشام : ما رأيت أبن سبعين أحسن كدنة منه !! فلما صار سالم في منزله حُمّ ، فقال : أترون أن الأحول لقعني بعينه ؟ .. فما خرج هشام من المدينة حتى صلى عليه .4) وذكر القاضي حسين من الشافعية أن نبياً من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام استكثر قومه ذات يوم فأمات الله تعالى منهم مائة ألف في ليلة واحدة ، فلما أصبح شكا إلى الله ذلك ، فقال الله تعالى له : إنك لما استكثرتهم عنتهم فهلا حصنتهم ؟5) وقال الدميري في حياة الحيوان له : رأيت بخط بعض العلماء المتقدمين من المبرزين أنه كان بخرسان رجل عائن ، فجلس يوماً إلى جماعة فمر بهم قطار جمال ، فقال العائن من أي جمل تريدون أن أطعمكم من لحمه ؟ فأشاروا إلى جمل من أحسنها ، فنظر إليه العائن فوقع الجمل لساعته .6) وروى ابن عبد البر بسنده إلى سحيم بن نوفل قال : كنا عند عبدالله نعرض المصاحف فجاءت جارية اعرابية إلى رجل منا فقالت : إن فلاناً قد لقع مهرك بعينه فهو يدور في فلك ، لا يأكل ولا يشرب ولا يبول ولا يروث ، فالتمس له راقياً ، فقال عبدالله : لا تلتمس له راقياً ، ولكن ائته فانفخ في منخره الأيمن أربعاً ، وفي الأيسر ثلاثاً ، وقل : لا بأس ، أذهب البأس رب الناس ، اشف أنت الشافي ، لا يكشف الضر إلا أنت ، فقام الرجل فانطلق ، فما رحنا حتى رجع فقال لعبدالله : الذي أمرتني به ، فما رحت حتى أكل وشرب وبال وراث ..7) وقال ابن عبد البر : روينا عن الأصمعي أنه قال : رأيت رجلاً عيوناً ، سمع بقرة تحلب فأعجبه صوت شخبها ، فقال : أيتهن هذه ؟ قالوا : الفلانية ، لبقرة أخرى يورُّون عنها ، فهلكتا جميعاً ، المورّى بها والمروّى عنها .. وقال الأصمعي : وسمعته يقول : إذا رأيت الشيء يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني .8) وقال الأصمعي : وكان عندنا رجلان يعينان الناس ، فمر أحدهما بحوض من حجارة ، فقال : تالله ما رأيت كاليوم قط ، فطار الحوض فرقتين ، فأخذه أهله فصبوه بالحديد ، فمر عليه ثانية ، فقال : وأبيك لعل ما أضررت أهلك فيك ، فتطاير أربع فرق .9) قال : وأما الاخر فسمع صوت بول من وراء حائط ، فقال : إنه لبن الشخب ، فقالوا : إنه فلان ، ابنك .. فقال : وانقطاع ظهراه ، قالوا : إنه لا بأس عليه ، قال : لا يبول بعدها أبداً .. فما بال حتى مات .* الحجر على من عُرف بالإصابة بالعين من مداخلة الناس :ذهب أهل العلم في ذلك مذهبين :1) يحجر عليه ويمنع من مداخلة الناس ، ويمنع من شهود الجمع والجماعات ، وينفق عليه من بيت المال إن كان فقيراً .2) لا يحجر عليه .قال القرطبي : " من عُرف بالإصابة بالعين منُع من مداخلة الناس دفعاً لضرره ، وقد قال بعض العلماء : يأمره الإمام بلزوم بيته ، وإن كان فقيراً رزقه ما يقوم به ، ويكف أذاه عن الناس ، وقيل إن ينفى ، وحديث مالك الذي ذكرناه يرد هذه الأقوال ، فإنه عليه السلام لم يأمر في عامر بحبس ولا بنفي ، بل قد يكون الرجل الصالح عائناً ، ولا يقدح فيه ولا يفسق به ، ومن قال يحبس ويؤمر بلزوم بيته ، فذلك احتياط ودفع ضرر ، والله أعلم " .وقال ابن مفلح : " وللإمام حبس العائن ، ذكره في " الترغيب " وفي " الرعاية " من عُرف بأذى الناس حتى بعينه ولم يكف ، حُبس حتى يموت ، فظاهرة يجب أو يستحب لما فيه من المصلحة وكف الأذى ، ونفقته من بيت المال ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحبسه ، وفي " الأحكام السلطانية " ( للوالي فعله ليدفع ضرره لا للقاضي ) .قال القاضي عياض : " ينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس ، ويأمره بلزوم بيته ، ويرزقه إن كان فقيراً ، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل الذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم دخول المسجد ، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر والعلماء بعدم الاختلاط بالناس ، ومن ضرر المؤذيات من المواشي التي يمر بتغريبها ، بحيث لا يتأذى بها أحد .. قال أبو زكريا النووي : ( هذا صحيح متعين لا يعرف من غيره تصريح بخلافه ) .من ثبت أنه قتل بعينه هل يقتاد منه ويقتص أم لا ؟الراجح أنه لا قود عليه ولا دية ولا كفارة ، والله أعلم .قال الدميري الشافعي : " العائن إذا اعترف أنه قتل غيره بالعين فلا قود عليه ولا ديه ولا كفارة ، وإن كانت العين حقاً ، لأنه لا يفضي إلى القتل غالباً ، ويندب للعائن أن يدعو له بالبركة " .وأخيراً نسأل الله أن يحمينا ويحمي المسلمين من كل شر إنه ولي ذلك والقادر عليهوصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
العلاقة بين الإنس والجن
عالم الجن والشياطين وعالم البشر عالمان مختلفان، فعالم الإنس بالنسبة للجن مرئي مشاهد، وعالم الجن بالنسبة للإنس غيبي غير مرئي، والتواصل بين العالَمين قائم - في صورته السيئة - على منطق التسخير والسحر والشعوذة واستغلال كل طرف للآخر بما يحقق مصلحته .
ولو تأملنا العلاقة التي تربط العالَمين منذ القدم لوجدناها هي هي لم تتغير، قال تعالى:{ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا }(الجن:6) وقال تعالى: { ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم }(الأنعام:128) فالعلاقة بين الإنس والجن لخصتها هذه الآية على أنها علاقة مبناها على تبادل - ما يعتقده أصحابها - منافع ومصالح، وهي في حقيقتها مضار محضة، فاستمتاع الإنس بالجن، هو في الاستعاذة بهم وشعورهم بحمايتهم، فكان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول: أعوذ بكبير هذا الـوادي . وأما استمتاع الجن بالإنس، فما ينالونه من شعور بالعظمة والفخر من استعاذة الإنس بهم، فيقولون: قد سدنا الإنس والجن.
هذا ما قاله أهل التفسير، ولا يخفى أن ما ذكروه صورة مصغرة لعلاقة الاستمتاع تلك، وأن تلك العلاقة أوسع من استعاذة النازل بالوادي، وافتخار الجن بذلك واستمتاعهم به، لكنها في نفس الإطار، فالإنسي يبذل الطاعة وربما العبادة للجن، والجن يبذلون منافع السحر والشعوذة للإنس، فالعلاقة متبادلة بين الطرفين، ولكن في أسوأ صور العلاقات وأحطها منزلة.
ونحاول في مقالنا هذا أن نرصد بعض صور تلك العلاقة بين الطرفين ( الإنس والجن ) من خلال الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة؛ لنعطي تصورا صحيحا عنها .
أولاً: إضلال العباد وإفسادهم : وهذا غاية ما يطلبه الشياطين من الإنس بل يعدونه رسالتهم في الحياة، فإبليس لا يقرّب ويكرّم من الشياطين إلا من بالغ في إضلال العباد وإفسادهم، قال تعالى:{ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }(فاطر: 6). وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت ) رواه مسلم .
ثانياً: عبادة الإنس للجن : وهذه أسوأ أنواع العلاقة بين الطرفين وهي علاقة العبودية والتسخير، قال تعالى: { وجعلوا لله شركاء الجن }(الأنعام:100) قال القرطبي في تفسير الآية: "هذا ذكر نوع آخر من جهالاتهم، أي فيهم من اعتقد لله شركاء من الجن .. والآية نزلت في مشركي العرب . ومعنى إشراكهم بالجن أنهم أطاعوهم كطاعة الله عز وجل " أ.هـ .
ثالثاً: الشياطين يعلمون الناس السحر:
يعتقد البعض أن في السحر قوة خارقة، وأنه يمكّنهم من السيطرة على أبناء جنسهم، ويعتقد آخرون أن الجن والشياطين يملكون قوة السحر وسبل تعلمه، فيبذلون لهم الطاعة مقابل الحصول على تلك القوة، وقد استغلت الشياطين هذا الاعتقاد، وربطوا تحقيقه بالكفر بالله سبحانه، فحققوا بذلك غايتين، الأولى: إخراج الناس من دينهم، والثانية: نشر الفساد بينهم . قال تعالى: { واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون }(البقرة:102) . ولا شك أن نافذة السحر هي النافذة الأوسع التي يطل من خلالها شياطين الجن على شياطين الإنس، وبسببه ضلَّ كثير من الناس.
رابعاً: أذية البشر والإضرار بهم: للجن قدرة يستطيعون بها إلحاق الضرر ببني آدم بإذن الله، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وعمل الجن وأذاهم للإنس إما يكون من المحرمات التي حرمها الله على الجن والإنس، وإما أن يكون فحشاً وظلما بالإكراه " وتتعدد أوجه أذية الجن للإنس في صور منها:
1. دخول بدن الإنسان وصرعه: قال تعالى:{ الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة .. وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قلت لأبي: إن أقواماً يقولون: إن الجني لا يدخل في بدن المصروع، فقال: يا بني يكذبون، هذا يتكلم على لسانه .
وهذا الذي قاله أمر مشهور؛ فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لأثر به أثرا عظيما. والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب، ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يجر المصروع وغير المصروع، ويجر البساط الذي يجلس عليه، ويحول آلات، وينقل من مكان إلى مكان، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علما ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرّك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان . وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذّب ذلك فقد كَذَبَ على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك " .
أما عن أسباب دخول الجني بدن الإنسي وصرعه فيقول – رحمه الله -: " صرع الجن للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق، كما يتفق للإنس مع الجن، .. وقد يكون - وهو الأكثر - عن بغض ومجازاة مثل أن يؤذيهم بعض الإنس، أو يظنوا أنهم يتعمدون أذاهم إما ببول على بعضهم، وإما بصب ماء حار، وإما بقتل بعضهم، وإن كان الإنس لا تعرف ذلك . وفي الجن ظلم وجهل فيعاقبون من أساء إليهم بأكثر مما يستحقه، وقد يكون عن عبث منهم وشر مثل سفهاء الإنس".
2. إصابة الجن الإنسَ بالعين: فعن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة - أي موضع يخالف لونه لون الوجه - فقال: ( استرقوا لها فإن بها النظرة) متفق عليه . قال الحافظ: "واختلف في المراد بالنظرة، فقيل: عين من نظر الجن، وقيل: من الإنس، وبه جزم أبو عبيد الهروي ، والأولى أنه أعمُّ من ذلك، وأنها أصيبت بالعين، فلذلك أذن صلى الله عليه وسلم في الاسترقاء لها، وهو دالٌّ على مشروعية الرقية من العين ".
3. مشاركة الجنِّ بني آدم في أكلهم وشربهم وفي شأنهم كله فعن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها، وليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة ) رواه مسلم .
4. أذية الجن للمولود حين ولادته: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم وابنها ) ثم يقول أبو هريرة: { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم }. قال القرطبي: " هذا الطعن من الشيطان هو ابتداء التسليط فحفظ الله مريم وابنها منه؛ ببركة دعوة أمها حيث قالت: { إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم }".
5. تسبب الجن في مرض بني آدم ولا سيما بالطاعون: فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فناء أمتي بالطعن والطاعون قالوا: يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون ؟ قال: وخز أعدائكم من الجن، وفي كلٍّ شهادة ) رواه أحمد قال ابن الأثير : الوخز طعن ليس بنافذ. وأما الطاعون فقال ابن سينا : " الطاعون مادة سمية تُحدِث ورماً قتّالاً لا يحدث إلا في المواضع الرخوة، والمغاير من البدن، وأغلب ما يكون تحت الإبط، أو خلف الأذن، أو عند الأرنبة – مقدمة الأنف -، وسببه دم رديء مائل إلى العفونة والفساد.. فيحدث القيء والغثيان والغشي والخفقان .. فإن قلت: إن الشارع أخبر بأن الطاعون من وخز الجن فبينه وبين ما ذكر من الأقوال في تفسير الطاعون منافاة ظاهرا، قلت: الحق ما قاله الشارع، والأطباء تكلموا في ذلك على ما اقتضته قواعدهم، وطعن الجن أمر لا يدرك بالعقل فلم يذكروه، على أنه يحتمل أن تحدث هذه الأشياء فيمن يطعن – يصيبه الطاعون - عند وخز الجن، ومما يؤيد أن الطاعون من وخز الجن وقوعه غالبا في أعدل الفصول، وفي أصح البلاد هواء، وأطيبها ماء، ولو كان من فساد الهواء لعمَّ الناس الذين يقع فيهم الطاعون، ولطعنت – أصابها الطاعون - الحيوانات أيضا " ا.هـ من عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعلامة العيني.
6. إطّلاع الجن على عورات بني آدم: فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( ستر مابين أعين الجن وعورات أمتي إذا دخل أحدكم الخلاء أن يقول بسم الله ) رواه الترمذي . وفي الصحيحين من حديث أنس كان رسول الله عليه السلام إذا دخل الخلاء قال: ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) قال المناوي في الفيض: " قال الحكيم : وإنما يمتنع المؤمن من هذا العدو بإسبال هذا الستر، فينبغي عدم الغفلة عنه؛ فإن للجن اختلاطا بالآدميين،.. فإذا أحبَّ الآدميُّ أن يطرد الجن عن مشاركته، فليقل: بسم الله، فإن اسم الله طابع على جميع ما رُزق ابنُ آدم، فلا يستطيع الجن فك الطابع ".
كانت تلك بعض الصور التي يتوصل بها الجن إلى أذية بني آدم وإضلالهم، وهي صادرة بلا شك من شياطينهم وأهل الفسق فيهم، أما المؤمنون المتقون فلا يقِلُّون تقى عن مؤمني الإنس وصالحيهم، قال تعالى: { وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا }( الجن:11) .
وليعلم المسلم أنه لا حزر ولا حصانة ولا حماية من أذى الشياطين وإفسادهم إلا بذكر الله تعالى؛ فهو الحصن الحصين والركن الركين، قال يحيى عليه السلام لأمته: ( وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، وأن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره، فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل ) رواه أحمد في المسند، وروى ابن أبي الدنيا : عن قيس بن الحجاج قال: " قال شيطاني دخلت فيك وأنا مثل الجزور، وأنا فيك اليوم مثل العصفور، قال قلت: ولم ذاك ؟ قال: تذيبني بكتاب الله عز وجل " وعن أبي الأحوص عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: " شيطان المؤمن مهزول ".
طرق الشيطان الرجيم في إضلال العبيد
يشكل عالم الشياطين العدو الخفي والأشد ضراوة على بني آدم، فهو لا يفتأ يفسد أخلاق بني آدم وعقائدهم، ويورث بينهم العداوة والبغضاء، لذلك فلا غرو أن تتواتر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في بيان خطر هذا العدو، وسبل إضلاله وإفساده، حتى يحذره الناس، ويكونوا في مأمن من مكره وشره .
وقد بسط الله سبحانه القول في الشيطان في آيات كثيرة، وأوضح طرائق إضلاله وإغوائه في بيان جلي أقام به الحجة على الخلق، وأزال به كل عذر لمعتذر.
فمن تلك الآيات قوله تعالى:{ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }(فاطر: 6) وهذا إعلان صريح بعداوة الشيطان لبني آدم عداوة لا هوادة فيها ولا مجاملة، وأن على العباد أن يقابلوا هذه العداوة بمثلها، { فاتخذوه عدوا } .
ولم يكتف بهذا الإعلان وإنما أتبعه بآيات كثيرة تبين سبل إغواء الشيطان وإضلاله للعباد، فقال سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر }( النور:21) ففي هذه الآية بيان للطريقة التي يتعامل بها الشيطان مع ضحاياه، فهو لا يهجم عليهم دفعة واحدة ليخرجهم من الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعة إلى المعصية، بل يتدرج للوصول إلى هدفه، وينظر نقاط الضعف في الشخص، ويحاول أن يلج من خلالها، فإن وجد فيه قوة في دينه أتاه من جانب المباحات، وحرّضه على الإكثار منها ليضيّع عليه بعض المستحبات، ثم لا يزال به حتى يتهاون بالسنن، وهكذا حتى يتهاون في الواجبات .
وإن وجد في الشخص غلوا وميلا نحو التطرف في جانب من جوانب الدين حبب إليه البدع والمحدثات، ثم لا يزال به حتى يجعل منه حامياً لها مدافعاً عنها، بل وركنا من أركانها.
وإن وجد في الشخص تهاونا في الواجبات، وانهماكاً في المحرمات، فتلك الغنيمة الباردة حيث لا يزال يحثه على التفلت من الفرائض، ويحرّضه على الإكثار من فعل الحرام، حتى يصبح عديم الدين والخلق .
ولا يكتفي الشيطان بإضلال العباد فحسب بل يتبع إضلاله تزينناً لباطله، فلا يدع ضحاياه فريسة لتأنيب الضمير، وأسرى لتقريع المواعظ، وإنما يحاول أن يبقيهم في سلام داخلي مع أنفسهم بأن يزين لهم أعمالهم، فلا يشعروا بأي نفور عنها، أو أنها مخالفة للفطر والعقول، قال تعالى: { وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون }ْ(الأنعام:43) وقال أيضا: { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم }(الأنفال:48) ويأتي هذا التزيين على شكل مبررات يسوقها الشيطان لضحاياه لتبرير أفعالهم؛ فالذي يزني ويأتي الفواحش يزين له أنه يمارس حريته الشخصية، والذي يسرق ويختلس يزين له أنه يستعين بذلك على تكاليف الحياة، والذي يمارس الدكتاتورية والقهر يزين له أنه يحافظ على وحدة الشعب وتماسكه من الدعوات الطائفية والعرقية، وهكذا دواليك .
ومن العجيب أن أسلحة الشيطان في ذلك لا تخرج عن التأثير النفسي، وهو ما سماه الله ب"الوسوسة" وهي حديث النفس والكلام الخفي الذي لا يُسمع، فالشيطان يوسوس في صدور الناس ويأمرهم بالمنكر وينهاهم عن المعروف، وقد مكنه الله من مخاطبة النفس والإيحاء إليها، قال تعالى: { قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس }(الناس:1-6) فالوسوسة هي سلاح إبليس الأمضى، وما أخرج آدم - عليه السلام - من الجنة إلا وسوسة إبليس، قال تعالى:{ فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى }(طه:120) ورغم افتقاد إبليس للسلاح المادي في الإضلال إلا أنه قد أغوى أكثر الخلق - والعياذ بالله - وكان لوسوسته تأثير كبير على إضلال البشر، يساعده في ذلك موافقة أهواء النفس وشهواتها لما يدعو إليه، فيجتمع على العبد نفسه وشيطانه فلا يقف أمامهما إلا خالص المؤمنين وإلا فالغالب يقع في أسر الشيطان وسلطانه وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة .
هذا مع أن الله قد أخبر أن { كيد الشيطان كان ضعيفا }(النساء:76) إلا أن ضعف النفس البشرية أمام المغريات قد أعطى لضعف الشيطان قوة، ذلك أن قوة العدو في أحيان كثيرة لا تستند إلى قوة ذاتية بقدر ما تستند إلى ضعف الخصم وتراخيه واستسلامه؛ لذلك كانت الآيات القرآنية منصبة على التحذير من وسائل الشيطان وأساليبه في الغواية من أجل تقوية النفس البشرية، وتحصين دفاعاتها .
فذكر الله سبحانه حقيقة مطالبه وغايات دعوته، وأنها لن تؤدي بالإنسان سوى إلى الشقاء في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه:{ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء }(البقرة:268 )، فالشيطان لا يريد إسعاد البشرية بل إهلاكها، ولا يريد غنى البشرية بل إفقارها، ولا يريد طهارة البشرية بل تدنيسها !!
وبين سبحانه أن من غايات إبليس إيقاع البشرية في النزاعات الداخلية والخارجية، وإشعال الحروب والعداوات بين المؤمنين، قال تعالى: { إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون }(المائدة:91).
وبين أن كل الرذائل والمنكرات والفواحش مصدرها إبليس اللعين، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون }(المائدة:90) .
وفي إطار الصراع الشامل بين الخير والشر ومعسكر الإيمان ومعسكر الكفر يستعمل الشيطان في سبيل هزيمة المؤمنين أساليب متعددة منها؛ نشر الخوف والذعر فيما بين المؤمنين، قال تعالى:{ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين }(آل عمران:175) قال مجاهد: "يخوف المؤمنين بالكفار"، والخوف إذا استبد بالإنسان يفقده كل قدرة على المبادرة، ويشل تفكيره، ويجعله ضمن مخططات الغير, فلا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعاً .
ومن أساليب إبليس التي يتبعها لهزيمة المؤمنين نشر الإشاعات الكاذبة والأخبار المحبطة، قال تعالى { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا }(النساء:83 ) في دلالة ظاهرة على أن نشر الإشاعات الكاذبة ما هي إلا من وحي الشيطان ووسوسته يريد بذلك تخذيل المؤمنين وإضعافهم .
وفي سبيل محافظة إبليس على معسكر الشر خاضعا وتابعا له، فإنه يبدأ معهم بالأماني والأحلام، فيعدهم النصر على المؤمنين، ويعدهم الغنى والرفاهية والثراء، قال تعالى: { يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا }(النساء:120) غير أنه لن يكون مصير هؤلاء الحالمين أتباع الشيطان سوى الفشل والخذلان، قال تعالى: { وكان الشيطان للإنسان خذولا }(الفرقان:29) .
نماذج من كيد الشيطان ومكره :
أولاً: تغيير خلق الله: قال تعالى: { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } حيث لم يقتصر سعيه على الفساد بمخالفة الله في شرعه، ولكن تعدى ذلك إلى مخالفة الله في خلقه .
وقد ذكر المفسرون من وجوه تغيير خلق الله ما كان يفعله أهل الجاهلية مثل فقء عين البعير ويسمونه "الحامي"، وهو الذي حمى ظهره من الركوب لكثرة نسله، فيترك للطواغيت لا يركب . ومنه ما يرجع إلى أغراض ذميمة كالوشم، وكذلك كيُّ وجوه الحيوان بالنار .
ويدخل في معنى تغيير خلق الله وضع المخلوقات في غير ما خلقها الله له، كجعل الكواكب آلهة، وجعل الكسوفات والخسوفات دلائل على أحوال الناس، وكل ذلك من وحي الشيطان ومكره لإضلال الخلق عن عبادة الله وتوحيده .
ثانياً: الصد عن ذكر الله: قال تعالى: { ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة }(الأنعام: 68) وهذا من أعظم مقاصد الشيطان أن يضرب الغفلة على قلوب العباد حتى يسهل السيطرة عليها بعد ذلك، فإن ذكر الله أعظم طارد للشيطان، وقد وصف اللهُ الشيطانَ بوصفين متقابلين هما { الوسواس الخناس } فالوسواس من الوسوسة وهي حديث النفس الذي يلقيه إبليس على بني آدم، والخناس كثير الخنس وهو الاختفاء؛ وذلك أن العبد إذا ذكر ربه خنس الشيطان هرب، قال مجاهد : إذا ذُكِر الله خنس وانقبض، وإذا لم يذكر انبسط على القلب .
ثالثاً: إضلال العلماء : وهذا من أعظم ما يحرص الشيطان عليه؛ لأن إضلال العالِم إضلال لأتباعه، وقد ذكر الله خبر عالم آثر هواه على طاعة مولاه فتمكن الشيطان منه واستولى عليه فكان من زمرة جنده، وكان مصدر إضلال وإغواء للعباد بعد أن كان مصدر هداية وإرشاد لهم . قال تعالى: { واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين }(الأعراف:175) فينبغي للعالم أن يكون أشد حذرا من شراك إبليس ومكائده، وليعلم أن علمه لن يجعله بمنأى عن كيد إبليس ومكره والله العاصم بحوله وقوته .
رابعاً: نزغ الشيطان : قال تعالى: { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم } (الأعراف:200) شبه سبحانه حدوث الوسوسة الشيطانية في النفس الإنسانية بنزغ الإبرة ووخزها لخفائها وخفاء أثرها، وهو تشبيه بليغ إذ أن الإنسان لا يشعر بوسوسة إبليس، وربما كان من الغفلة بمكان بحيث لا يشعر بأثر تلك الوسوسة، فنبه سبحانه العباد على سبيل دفع وسوسة إبليس ودفع أثرها؛ وذلك بالالتجاء إليه والاستعاذة به من الشيطان وكيده، فهو القادر سبحانه على إذهاب أثر تلك الوسوسة وإزالة ضررها .
خامساً: طائف الشيطان: قال تعالى: { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون }(الأعراف:201) في الآية تصوير بليغ لمحاولة إبليس إضلال بني آدم فهو يطوف حولهم طواف النازل بالمكان قبل دخوله، حتى إذا أصاب منهم حالة غفلة وإعراض أصابهم بمسه، فأطلق في نفوسهم خواطر المعصية والسيئات . غير أن المؤمن فطن خبير بكيده ومكره، فيطرده عنه بذكر الله سبحانه، وقبل تمكن الخواطر الشيطانية من نفسه، لأن تلك الخواطر إذا أهملت لم تلبث أن تصير عزما ثم عملا، ثم عادة يصعب التخلص منها .
سادساً: استفزاز الشيطان بني آدم ومشاركتهم في الأموال والأولاد: قال تعالى: { واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا }(الإسراء:64) فهذه الآية صورت أعظم المعارك وأقدمها، وهي معركة ساحتها وميدانها قلب ابن آدم وعقله، وطرفاها الشيطان وبني آدم، وغرضها الاستيلاء على ابن آدم قلبا وقالباً وإخضاعه لطاعة إبليس وحزبه، وسلاح إبليس في هذه الحرب صوته، والمراد به هنا كل صوت يدعو إلى مثل ما يدعو إليه إبليس من الفواحش والمنكرات، وخيله ورجاله والمراد بهم جنده الذين يرسلهم لإضلال العباد، ففي صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ).
ومن سلاح إبليس أيضاً وعوده وأمانيه التي يعد ويمني بها الناس إن هم أطاعوه وامتثلوا أمره، وبهذا السلاح أخرج آدم – عليه السلام - وزوجه من الجنة، حين قال لهما: { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين } ولم يكن وعده إلا كذب وتغرير .
سابعاً: تسويل الشيطان وإملاءه: قال تعالى:{ إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم }(محمد: 25) وهي من طرق الشيطان في إغواء وإضلال من استبان له الحق وعرف الهدى، وذلك بتحسين الشيء وتزيينه وتحبيبه وتسهيله، حتى تقبل عليه النفوس راغبة مقدمة لا يتقاعس بها كره ولا مشقة، فإن اعترضها ذكر الموت ومخافة الفوت عالجها إبليس بالإملاء وهو التغرير بالأمل وطول العمر .
ثامناً:النجوى من الشيطان : والنجوى في اللغة التكتم في الكلام سواء كان بين اثنين أو جماعة، والتي من الشيطان ما كان فيها تآمر على حق، أو إضرار بمسلم، أو إدخال للشك في نفسه، قال تعالى:{ إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون }(المجادلة:10) عن قتادة قال: "كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين، ويكبر عليهم، فأنزل الله الآية" أ.هـ. وقد وردت الأحاديث النبوية الكريمة بالنهي عن التناجي في الحالات التي توقع الريبة وتزعزع الثقة وتبعث التوجس: جاء في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه ). وهو أدب رفيع، وتحفظ حكيم لإبعاد كل الريب والشكوك . فأما حيث تكون هناك مصلحة في كتمان سر، أو ستر عورة، في شأن عام أو خاص، فلا مانع من التشاور في سر وتكتم .
تاسعاً: وحي الشيطان لأوليائه من الإنس: وهذا الوحي هو نوع من الوسوسة غير أن هدفه يتركز في إمداد الكافرين بما يظنونه حججاً، لتثبيتهم على ما هم عليه من الباطل، وهو من أخطر أنواع وسوسة الشيطان وكيده، إذ تدفع إلى مضادة أمر الله وشرعه، بتحليل ما حرمه، أو تحريم ما حلله .
ومن صور هذا الوحي الشيطاني ما أشار إليه الحق في قوله :{ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون }(الأنعام: 121) حيث أوحي الشيطان إلى المشركين ليحتجوا على تحريم أكل الميتة بالقول: يا محمد أتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتل الكلب والصقر حلال، وما قتله الله حرام !! فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال: أتى أناس النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ( يا رسول الله: أنأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله ؟ ) فأنزل الله: { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } الآية. رواه الترمذي .
ولا شك أن حجة الشيطان وحزبه ما هي إلا تشويش وتشغيب على الحق؛ إذ كل مقتول أو ميت فقد مات وقتل بقضاء الله وقدره عند انتهاء أجله، فتخصيص أحدها بأن الله قتلها دون غيرها باطل بلا شك .
عاشراً: تنزل الشياطين على الكهنة والعرافين: وذلك أن ثمة اتفاق قائم بين الشياطين من جهة، وبين الكهنة والعرافين من جهة أخرى، وهذا الاتفاق يقضي بأن يزود الشياطين الكهان بما يسترقونه من أخبار الغيب، ويقوم الكهان والعرافون باستعمال هذه الأخبار في إفساد العباد وتضليلهم، بأن يزيدوا على خبر الصدق أضعافا مضاعفة من الكذب والدجل؛ لذلك حذر الله منهم، وبين حقيقة أمرهم، وبين أن ما يأتون به الناس إنما مصدره وحي الشيطان لا تننزل ملائكة الرحمن، وأنهم ليسوا سوى كذبة أفاكين استمرؤوا الإثم والفجور، قال تعالى:{ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون }(الشعراء:221-222)، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل عن الكهان ؟ فقال: ( ليسوا بشيء، قيل: يا رسول الله فإنهم يحدثون أحيانا بالشيء يكون حقا . فقال تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قرّ الدجاجة فيخلطون عليها أكثر من مائة كذبة ) متفق عليه. وإنما توسعت الآية في بيان حال الكهان لأن حالهم قد يلتبس على ضعفاء العقول ببعض أحوال النبوءة في الإخبار عن الغيب . فبينت الآية أن قصارى أمر الكهان الإخبار عن أشياء قليلة قد تصدق في القليل النادر؛ فأين هذا من هدي النبي والقرآن من الإخبار عن المغيبات السابقة واللاحقة مع ما اشتملا عليه من الآداب والإرشاد والتعليم، والبلاغة والفصاحة، والصراحة والإعجاز العلمي والتشريعي.
الحادي عشر: إدخال الشيطان الشك على المؤمن في عقيدته: وهذا يأتي في سلم أولويات الشيطان في سعيه لإضلال العباد، وذلك أنه إذا أدخل الشك على المؤمن في دينه وعقيدته سلبه إيمانه وديقينه فلا بقاء للإيمان مع الشك، فالشك مقرون بالكفر، واليقين مقرون بالإيمان، قال تعالى: { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا }(الحجرات: 15 ) وقد حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم – من أن الشيطان يأتي المؤمن فيشككه في أصل الوجود، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلقك ؟ فيقول: الله تبارك وتعالى، فيقول: من خلق الله ؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسوله فإن ذلك يذهب عنه ) قال المناوي في "فيض القدير": " أي قل: أخالف عدو الله المعاند وأؤمن بالله، وبما جاء به رسوله ( فإن ذلك يذهب عنه ) [ وإنما أرشد إلى الإعراض عن الوسوسة في هذه الحالة ]؛ لأن الشبهة منها ما يندفع بالإعراض عنها، ومنها ما يندفع بقلعه من أصله، وذلك يتطلب البراهين والنظر في الأدلة مع إمداد الحق بالمعرفة، والوسوسة لا تعطي ثبوت الخواطر واستقرارها؛ فلذا أحالهم على الإعراض عنها ". قال الغزالي : من مكايد الشيطان حمل العوام ومن لم يمارس العلم ولم يتبحر فيه على التفكر في ذات الله وصفاته، في أمور لا يبلغها حد عقله حتى يشككه في أمر الدين أو يخيل إليه في الله خيالا يتعالى الله عنه، فيصير به كافرا أو مبتدعا وهو به فرح مسرور متبجح بما وقع في صدره، يظن أن ذلك هو المعرفة والبصيرة وأنه انكشف له ذلك بذكائه وزيادة عقله، وأشد الناس حمقا أقواهم اعتقادا في عقل نفسه، وأثقب الناس عقلا أشدهم اتهاما لنفسه وظنه، وأحرصهم على السؤال من العلماء، والنبي لم يأمره في علاج هذا الوسواس بالبحث فإن هذا وسواس يجده العوام دون العلماء، وإنما حق العوام أن يؤمنوا ويسلموا ويشتغلوا بعبادتهم ومعاشهم ويتركوا العلم للعلماء ".
الثاني عشر: التبذير والإسراف: وهما مسلكان في الإنفاق يدعو إليهما الشيطان لأنهما إما إنفاق في الفساد، وإما إسراف يستنزف المال في السفاسف واللذات، فيعطل الإنفاق في الخير، وكل ذلك يرضي الشيطان، فلا جرم أن كان المتصفون بالتبذير من جند الشيطان وإخوانه ، قال تعالى : { إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا }(الإسراء:27) ومعنى " إخوان الشياطين" أي : أنهم من أتباع الشياطين وحلفائهم كما يتابع الأخ أخاه .
هذه بعض سبل الشيطان في إضلال العباد وإفسادهم والحيلولة دون عبادتهم لربهم، ومع هذا البيان الواضح والتحذير الجلي إلا أن أكثر الخلق أتباع له، والسبب أن طريق الله محفوف بالمكاره، وطريق الشيطان محفوف بالشهوات، والنفوس تقبل على الشهوات العاجلة – وإن كانت عاقبتها الألم والحسرة - أكثر من إقبالها على المكاره - وإن كانت عاقبتها الجنة - ، قال تعالى: { بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى }( الأعلى: 16- 17) وقال صلى الله عليه وسلم: ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) رواه مسلم فينبغي على المسلم الحريص أن يستعيذ بالله من شر الشيطان وشركه، وأن يكون على بصيرة من وجوه مكره وحيله حتى يستطيع أن ينجو منها، وأن يسمو بنفسه عن شهواتها فالشهوات بريد المعاصي والسيئات .
وقد بسط الله سبحانه القول في الشيطان في آيات كثيرة، وأوضح طرائق إضلاله وإغوائه في بيان جلي أقام به الحجة على الخلق، وأزال به كل عذر لمعتذر.
فمن تلك الآيات قوله تعالى:{ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }(فاطر: 6) وهذا إعلان صريح بعداوة الشيطان لبني آدم عداوة لا هوادة فيها ولا مجاملة، وأن على العباد أن يقابلوا هذه العداوة بمثلها، { فاتخذوه عدوا } .
ولم يكتف بهذا الإعلان وإنما أتبعه بآيات كثيرة تبين سبل إغواء الشيطان وإضلاله للعباد، فقال سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر }( النور:21) ففي هذه الآية بيان للطريقة التي يتعامل بها الشيطان مع ضحاياه، فهو لا يهجم عليهم دفعة واحدة ليخرجهم من الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعة إلى المعصية، بل يتدرج للوصول إلى هدفه، وينظر نقاط الضعف في الشخص، ويحاول أن يلج من خلالها، فإن وجد فيه قوة في دينه أتاه من جانب المباحات، وحرّضه على الإكثار منها ليضيّع عليه بعض المستحبات، ثم لا يزال به حتى يتهاون بالسنن، وهكذا حتى يتهاون في الواجبات .
وإن وجد في الشخص غلوا وميلا نحو التطرف في جانب من جوانب الدين حبب إليه البدع والمحدثات، ثم لا يزال به حتى يجعل منه حامياً لها مدافعاً عنها، بل وركنا من أركانها.
وإن وجد في الشخص تهاونا في الواجبات، وانهماكاً في المحرمات، فتلك الغنيمة الباردة حيث لا يزال يحثه على التفلت من الفرائض، ويحرّضه على الإكثار من فعل الحرام، حتى يصبح عديم الدين والخلق .
ولا يكتفي الشيطان بإضلال العباد فحسب بل يتبع إضلاله تزينناً لباطله، فلا يدع ضحاياه فريسة لتأنيب الضمير، وأسرى لتقريع المواعظ، وإنما يحاول أن يبقيهم في سلام داخلي مع أنفسهم بأن يزين لهم أعمالهم، فلا يشعروا بأي نفور عنها، أو أنها مخالفة للفطر والعقول، قال تعالى: { وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون }ْ(الأنعام:43) وقال أيضا: { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم }(الأنفال:48) ويأتي هذا التزيين على شكل مبررات يسوقها الشيطان لضحاياه لتبرير أفعالهم؛ فالذي يزني ويأتي الفواحش يزين له أنه يمارس حريته الشخصية، والذي يسرق ويختلس يزين له أنه يستعين بذلك على تكاليف الحياة، والذي يمارس الدكتاتورية والقهر يزين له أنه يحافظ على وحدة الشعب وتماسكه من الدعوات الطائفية والعرقية، وهكذا دواليك .
ومن العجيب أن أسلحة الشيطان في ذلك لا تخرج عن التأثير النفسي، وهو ما سماه الله ب"الوسوسة" وهي حديث النفس والكلام الخفي الذي لا يُسمع، فالشيطان يوسوس في صدور الناس ويأمرهم بالمنكر وينهاهم عن المعروف، وقد مكنه الله من مخاطبة النفس والإيحاء إليها، قال تعالى: { قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس }(الناس:1-6) فالوسوسة هي سلاح إبليس الأمضى، وما أخرج آدم - عليه السلام - من الجنة إلا وسوسة إبليس، قال تعالى:{ فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى }(طه:120) ورغم افتقاد إبليس للسلاح المادي في الإضلال إلا أنه قد أغوى أكثر الخلق - والعياذ بالله - وكان لوسوسته تأثير كبير على إضلال البشر، يساعده في ذلك موافقة أهواء النفس وشهواتها لما يدعو إليه، فيجتمع على العبد نفسه وشيطانه فلا يقف أمامهما إلا خالص المؤمنين وإلا فالغالب يقع في أسر الشيطان وسلطانه وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة .
هذا مع أن الله قد أخبر أن { كيد الشيطان كان ضعيفا }(النساء:76) إلا أن ضعف النفس البشرية أمام المغريات قد أعطى لضعف الشيطان قوة، ذلك أن قوة العدو في أحيان كثيرة لا تستند إلى قوة ذاتية بقدر ما تستند إلى ضعف الخصم وتراخيه واستسلامه؛ لذلك كانت الآيات القرآنية منصبة على التحذير من وسائل الشيطان وأساليبه في الغواية من أجل تقوية النفس البشرية، وتحصين دفاعاتها .
فذكر الله سبحانه حقيقة مطالبه وغايات دعوته، وأنها لن تؤدي بالإنسان سوى إلى الشقاء في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه:{ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء }(البقرة:268 )، فالشيطان لا يريد إسعاد البشرية بل إهلاكها، ولا يريد غنى البشرية بل إفقارها، ولا يريد طهارة البشرية بل تدنيسها !!
وبين سبحانه أن من غايات إبليس إيقاع البشرية في النزاعات الداخلية والخارجية، وإشعال الحروب والعداوات بين المؤمنين، قال تعالى: { إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون }(المائدة:91).
وبين أن كل الرذائل والمنكرات والفواحش مصدرها إبليس اللعين، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون }(المائدة:90) .
وفي إطار الصراع الشامل بين الخير والشر ومعسكر الإيمان ومعسكر الكفر يستعمل الشيطان في سبيل هزيمة المؤمنين أساليب متعددة منها؛ نشر الخوف والذعر فيما بين المؤمنين، قال تعالى:{ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين }(آل عمران:175) قال مجاهد: "يخوف المؤمنين بالكفار"، والخوف إذا استبد بالإنسان يفقده كل قدرة على المبادرة، ويشل تفكيره، ويجعله ضمن مخططات الغير, فلا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعاً .
ومن أساليب إبليس التي يتبعها لهزيمة المؤمنين نشر الإشاعات الكاذبة والأخبار المحبطة، قال تعالى { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا }(النساء:83 ) في دلالة ظاهرة على أن نشر الإشاعات الكاذبة ما هي إلا من وحي الشيطان ووسوسته يريد بذلك تخذيل المؤمنين وإضعافهم .
وفي سبيل محافظة إبليس على معسكر الشر خاضعا وتابعا له، فإنه يبدأ معهم بالأماني والأحلام، فيعدهم النصر على المؤمنين، ويعدهم الغنى والرفاهية والثراء، قال تعالى: { يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا }(النساء:120) غير أنه لن يكون مصير هؤلاء الحالمين أتباع الشيطان سوى الفشل والخذلان، قال تعالى: { وكان الشيطان للإنسان خذولا }(الفرقان:29) .
نماذج من كيد الشيطان ومكره :
أولاً: تغيير خلق الله: قال تعالى: { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } حيث لم يقتصر سعيه على الفساد بمخالفة الله في شرعه، ولكن تعدى ذلك إلى مخالفة الله في خلقه .
وقد ذكر المفسرون من وجوه تغيير خلق الله ما كان يفعله أهل الجاهلية مثل فقء عين البعير ويسمونه "الحامي"، وهو الذي حمى ظهره من الركوب لكثرة نسله، فيترك للطواغيت لا يركب . ومنه ما يرجع إلى أغراض ذميمة كالوشم، وكذلك كيُّ وجوه الحيوان بالنار .
ويدخل في معنى تغيير خلق الله وضع المخلوقات في غير ما خلقها الله له، كجعل الكواكب آلهة، وجعل الكسوفات والخسوفات دلائل على أحوال الناس، وكل ذلك من وحي الشيطان ومكره لإضلال الخلق عن عبادة الله وتوحيده .
ثانياً: الصد عن ذكر الله: قال تعالى: { ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة }(الأنعام: 68) وهذا من أعظم مقاصد الشيطان أن يضرب الغفلة على قلوب العباد حتى يسهل السيطرة عليها بعد ذلك، فإن ذكر الله أعظم طارد للشيطان، وقد وصف اللهُ الشيطانَ بوصفين متقابلين هما { الوسواس الخناس } فالوسواس من الوسوسة وهي حديث النفس الذي يلقيه إبليس على بني آدم، والخناس كثير الخنس وهو الاختفاء؛ وذلك أن العبد إذا ذكر ربه خنس الشيطان هرب، قال مجاهد : إذا ذُكِر الله خنس وانقبض، وإذا لم يذكر انبسط على القلب .
ثالثاً: إضلال العلماء : وهذا من أعظم ما يحرص الشيطان عليه؛ لأن إضلال العالِم إضلال لأتباعه، وقد ذكر الله خبر عالم آثر هواه على طاعة مولاه فتمكن الشيطان منه واستولى عليه فكان من زمرة جنده، وكان مصدر إضلال وإغواء للعباد بعد أن كان مصدر هداية وإرشاد لهم . قال تعالى: { واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين }(الأعراف:175) فينبغي للعالم أن يكون أشد حذرا من شراك إبليس ومكائده، وليعلم أن علمه لن يجعله بمنأى عن كيد إبليس ومكره والله العاصم بحوله وقوته .
رابعاً: نزغ الشيطان : قال تعالى: { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم } (الأعراف:200) شبه سبحانه حدوث الوسوسة الشيطانية في النفس الإنسانية بنزغ الإبرة ووخزها لخفائها وخفاء أثرها، وهو تشبيه بليغ إذ أن الإنسان لا يشعر بوسوسة إبليس، وربما كان من الغفلة بمكان بحيث لا يشعر بأثر تلك الوسوسة، فنبه سبحانه العباد على سبيل دفع وسوسة إبليس ودفع أثرها؛ وذلك بالالتجاء إليه والاستعاذة به من الشيطان وكيده، فهو القادر سبحانه على إذهاب أثر تلك الوسوسة وإزالة ضررها .
خامساً: طائف الشيطان: قال تعالى: { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون }(الأعراف:201) في الآية تصوير بليغ لمحاولة إبليس إضلال بني آدم فهو يطوف حولهم طواف النازل بالمكان قبل دخوله، حتى إذا أصاب منهم حالة غفلة وإعراض أصابهم بمسه، فأطلق في نفوسهم خواطر المعصية والسيئات . غير أن المؤمن فطن خبير بكيده ومكره، فيطرده عنه بذكر الله سبحانه، وقبل تمكن الخواطر الشيطانية من نفسه، لأن تلك الخواطر إذا أهملت لم تلبث أن تصير عزما ثم عملا، ثم عادة يصعب التخلص منها .
سادساً: استفزاز الشيطان بني آدم ومشاركتهم في الأموال والأولاد: قال تعالى: { واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا }(الإسراء:64) فهذه الآية صورت أعظم المعارك وأقدمها، وهي معركة ساحتها وميدانها قلب ابن آدم وعقله، وطرفاها الشيطان وبني آدم، وغرضها الاستيلاء على ابن آدم قلبا وقالباً وإخضاعه لطاعة إبليس وحزبه، وسلاح إبليس في هذه الحرب صوته، والمراد به هنا كل صوت يدعو إلى مثل ما يدعو إليه إبليس من الفواحش والمنكرات، وخيله ورجاله والمراد بهم جنده الذين يرسلهم لإضلال العباد، ففي صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ).
ومن سلاح إبليس أيضاً وعوده وأمانيه التي يعد ويمني بها الناس إن هم أطاعوه وامتثلوا أمره، وبهذا السلاح أخرج آدم – عليه السلام - وزوجه من الجنة، حين قال لهما: { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين } ولم يكن وعده إلا كذب وتغرير .
سابعاً: تسويل الشيطان وإملاءه: قال تعالى:{ إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم }(محمد: 25) وهي من طرق الشيطان في إغواء وإضلال من استبان له الحق وعرف الهدى، وذلك بتحسين الشيء وتزيينه وتحبيبه وتسهيله، حتى تقبل عليه النفوس راغبة مقدمة لا يتقاعس بها كره ولا مشقة، فإن اعترضها ذكر الموت ومخافة الفوت عالجها إبليس بالإملاء وهو التغرير بالأمل وطول العمر .
ثامناً:النجوى من الشيطان : والنجوى في اللغة التكتم في الكلام سواء كان بين اثنين أو جماعة، والتي من الشيطان ما كان فيها تآمر على حق، أو إضرار بمسلم، أو إدخال للشك في نفسه، قال تعالى:{ إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون }(المجادلة:10) عن قتادة قال: "كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين، ويكبر عليهم، فأنزل الله الآية" أ.هـ. وقد وردت الأحاديث النبوية الكريمة بالنهي عن التناجي في الحالات التي توقع الريبة وتزعزع الثقة وتبعث التوجس: جاء في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه ). وهو أدب رفيع، وتحفظ حكيم لإبعاد كل الريب والشكوك . فأما حيث تكون هناك مصلحة في كتمان سر، أو ستر عورة، في شأن عام أو خاص، فلا مانع من التشاور في سر وتكتم .
تاسعاً: وحي الشيطان لأوليائه من الإنس: وهذا الوحي هو نوع من الوسوسة غير أن هدفه يتركز في إمداد الكافرين بما يظنونه حججاً، لتثبيتهم على ما هم عليه من الباطل، وهو من أخطر أنواع وسوسة الشيطان وكيده، إذ تدفع إلى مضادة أمر الله وشرعه، بتحليل ما حرمه، أو تحريم ما حلله .
ومن صور هذا الوحي الشيطاني ما أشار إليه الحق في قوله :{ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون }(الأنعام: 121) حيث أوحي الشيطان إلى المشركين ليحتجوا على تحريم أكل الميتة بالقول: يا محمد أتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتل الكلب والصقر حلال، وما قتله الله حرام !! فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال: أتى أناس النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ( يا رسول الله: أنأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله ؟ ) فأنزل الله: { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } الآية. رواه الترمذي .
ولا شك أن حجة الشيطان وحزبه ما هي إلا تشويش وتشغيب على الحق؛ إذ كل مقتول أو ميت فقد مات وقتل بقضاء الله وقدره عند انتهاء أجله، فتخصيص أحدها بأن الله قتلها دون غيرها باطل بلا شك .
عاشراً: تنزل الشياطين على الكهنة والعرافين: وذلك أن ثمة اتفاق قائم بين الشياطين من جهة، وبين الكهنة والعرافين من جهة أخرى، وهذا الاتفاق يقضي بأن يزود الشياطين الكهان بما يسترقونه من أخبار الغيب، ويقوم الكهان والعرافون باستعمال هذه الأخبار في إفساد العباد وتضليلهم، بأن يزيدوا على خبر الصدق أضعافا مضاعفة من الكذب والدجل؛ لذلك حذر الله منهم، وبين حقيقة أمرهم، وبين أن ما يأتون به الناس إنما مصدره وحي الشيطان لا تننزل ملائكة الرحمن، وأنهم ليسوا سوى كذبة أفاكين استمرؤوا الإثم والفجور، قال تعالى:{ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون }(الشعراء:221-222)، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل عن الكهان ؟ فقال: ( ليسوا بشيء، قيل: يا رسول الله فإنهم يحدثون أحيانا بالشيء يكون حقا . فقال تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قرّ الدجاجة فيخلطون عليها أكثر من مائة كذبة ) متفق عليه. وإنما توسعت الآية في بيان حال الكهان لأن حالهم قد يلتبس على ضعفاء العقول ببعض أحوال النبوءة في الإخبار عن الغيب . فبينت الآية أن قصارى أمر الكهان الإخبار عن أشياء قليلة قد تصدق في القليل النادر؛ فأين هذا من هدي النبي والقرآن من الإخبار عن المغيبات السابقة واللاحقة مع ما اشتملا عليه من الآداب والإرشاد والتعليم، والبلاغة والفصاحة، والصراحة والإعجاز العلمي والتشريعي.
الحادي عشر: إدخال الشيطان الشك على المؤمن في عقيدته: وهذا يأتي في سلم أولويات الشيطان في سعيه لإضلال العباد، وذلك أنه إذا أدخل الشك على المؤمن في دينه وعقيدته سلبه إيمانه وديقينه فلا بقاء للإيمان مع الشك، فالشك مقرون بالكفر، واليقين مقرون بالإيمان، قال تعالى: { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا }(الحجرات: 15 ) وقد حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم – من أن الشيطان يأتي المؤمن فيشككه في أصل الوجود، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلقك ؟ فيقول: الله تبارك وتعالى، فيقول: من خلق الله ؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسوله فإن ذلك يذهب عنه ) قال المناوي في "فيض القدير": " أي قل: أخالف عدو الله المعاند وأؤمن بالله، وبما جاء به رسوله ( فإن ذلك يذهب عنه ) [ وإنما أرشد إلى الإعراض عن الوسوسة في هذه الحالة ]؛ لأن الشبهة منها ما يندفع بالإعراض عنها، ومنها ما يندفع بقلعه من أصله، وذلك يتطلب البراهين والنظر في الأدلة مع إمداد الحق بالمعرفة، والوسوسة لا تعطي ثبوت الخواطر واستقرارها؛ فلذا أحالهم على الإعراض عنها ". قال الغزالي : من مكايد الشيطان حمل العوام ومن لم يمارس العلم ولم يتبحر فيه على التفكر في ذات الله وصفاته، في أمور لا يبلغها حد عقله حتى يشككه في أمر الدين أو يخيل إليه في الله خيالا يتعالى الله عنه، فيصير به كافرا أو مبتدعا وهو به فرح مسرور متبجح بما وقع في صدره، يظن أن ذلك هو المعرفة والبصيرة وأنه انكشف له ذلك بذكائه وزيادة عقله، وأشد الناس حمقا أقواهم اعتقادا في عقل نفسه، وأثقب الناس عقلا أشدهم اتهاما لنفسه وظنه، وأحرصهم على السؤال من العلماء، والنبي لم يأمره في علاج هذا الوسواس بالبحث فإن هذا وسواس يجده العوام دون العلماء، وإنما حق العوام أن يؤمنوا ويسلموا ويشتغلوا بعبادتهم ومعاشهم ويتركوا العلم للعلماء ".
الثاني عشر: التبذير والإسراف: وهما مسلكان في الإنفاق يدعو إليهما الشيطان لأنهما إما إنفاق في الفساد، وإما إسراف يستنزف المال في السفاسف واللذات، فيعطل الإنفاق في الخير، وكل ذلك يرضي الشيطان، فلا جرم أن كان المتصفون بالتبذير من جند الشيطان وإخوانه ، قال تعالى : { إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا }(الإسراء:27) ومعنى " إخوان الشياطين" أي : أنهم من أتباع الشياطين وحلفائهم كما يتابع الأخ أخاه .
هذه بعض سبل الشيطان في إضلال العباد وإفسادهم والحيلولة دون عبادتهم لربهم، ومع هذا البيان الواضح والتحذير الجلي إلا أن أكثر الخلق أتباع له، والسبب أن طريق الله محفوف بالمكاره، وطريق الشيطان محفوف بالشهوات، والنفوس تقبل على الشهوات العاجلة – وإن كانت عاقبتها الألم والحسرة - أكثر من إقبالها على المكاره - وإن كانت عاقبتها الجنة - ، قال تعالى: { بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى }( الأعلى: 16- 17) وقال صلى الله عليه وسلم: ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) رواه مسلم فينبغي على المسلم الحريص أن يستعيذ بالله من شر الشيطان وشركه، وأن يكون على بصيرة من وجوه مكره وحيله حتى يستطيع أن ينجو منها، وأن يسمو بنفسه عن شهواتها فالشهوات بريد المعاصي والسيئات .
عالم الجن والشياطين
عالم الجن والشياطين عالم غيبي، لا نراه ولا نسمعه، ومع غيبته عنا إلا أن الكثيرين قد أطلقوا مخيلتهم في رسمه وتصويره، فصوره الأكثر على أنه عالم الرعب والأهوال، وجحده آخرون وأنكروا وجوده، ونحاول في هذا المقال أن نرسم صورته كما صورها وبينها القرآن الكريم والسنة الصحيحة فهما الجديران بذلك، وما عداهما فهو ضرب من الخيال، أو نوع من الكذب، أو تجربة جزئية لا ترقى للحقائق التي يعتمد عليها .
معنى الجن والشياطين
الجِنُّ: ضد الإنس، والواحد جِنِّيٌّ، سميت بذلك لأنها تتوارى عن الأنظار ولا تُرى.
أما الشياطين: فجمع شَيطانُ، وهو كل عاتٍ متمرد سواء من الإنس أو الجن أو الدواب، وعليه فالشياطين ليسوا سوى عتاة الجن ومردتهم .
قال ابن عبد البر : " الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان منزلون علي مراتب: فإذا ذكروا الجن خالصا قالوا: جني .. فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: عامر والجمع عمّار وعوامر.. فإن كان ممن يعرض للصبيان، قالوا: أرواح .. فإن خبث وتعزم فهو شيطان .. فإن زاد على ذلك فهو: مارد .. فإن زاد على ذلك وقوي أمره، قالوا: عفريت، والجمع: عفاريت والله أعلم بالصواب "
إثبات وجود الجن :
قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: " لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم.. وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترا معلوما بالاضطرار، ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون " .
والأدلة على وجود الجن من القرآن كثيرة منها، ولا أدلَّ على ذلك من أن الله سمى سورة كاملة باسمهم "الجن " وقص فيها من أخبارهم وأقوالهم الشيء الكثير، وأما أحاديث السنة الدالة على وجودهم فأكثر من أن تحصر.
أصل خلق الجن
خلق الله الجن قبل أن يخلق الإنس، والدليل على ذلك قوله تعالى: { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه }(الكهف:50)
فذكر أن إبليس من الجن، وأن خلقهم كان سابقا لخلق آدم عليه السلام، وقال تعالى: { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم }(الحجر:26-27).
أما مادة خلقهم فهي النار، بدليل قوله تعالى: { والجان خلقناه من قبل من نار السموم }(الحجر:27) وسميت نار السموم: لأنها تنفذ في مسام البدن لشدة حرها، وقال تعالى: { وخلق الجان من مارج من نار }(الرحمن:15)، والمارج أخص من مطلق النار لأنه اللهب الذي لا دخان فيه . وفي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- أن - رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ).
ولا يخفى أن خلق الجان من نار لا يلزم منه أن أشكالهم وهيئاتهم كالنار، فالبشر خلقوا من تراب وليسوا كذلك، ولكن يؤخذ منه أن في الجن صفات من صفات النار كالخفة واللطافة، مثلما للبشر من صفات التراب كالثقل والكثافة.
وجنس الجن كجنس الإنس فيهم الذكور والإناث، قال تعالى: { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً } (الجن: 6) . وفي حديث زيد بن أرقم أن رسول الله - صلى الله علية وسلم - قال: ( إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاءَ فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) والخُبُث – بضم الخاء والباء -: ذكور الجن، والخبائث: إناثهم.
وقد أثار البعض سؤالاً قديماً وهو أنه: إذا كان الجن قد خلقوا من النار، فكيف يعذبون بها ؟ وأجاب عن ذلك ابن عقيل في كتابه "الفنون" فقال: " اعلم أن الله تعالى أضاف الشياطين والجن إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار، والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين، وليس الآدمي طينا حقيقة، ولكنه كان طينا، كذلك الجان كان ناراً في الأصل، بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( عرض لي الشيطان في صلاتي فخنقته حتى وجدت برد لعابه على يدي ) ومن يكون ناراً محرقةً كيف يكون لعابه أو ريقه بارداً أو له ريق أصلا !! ومما يدل على أن الجن ليسوا بباقين على عنصرهم الناري؛ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي ) وبيان الدلالة منه؛ أنهم لو كانوا باقين على عنصرهم الناري ..؛ لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت منهم بشعلة من نار، ولكانت يد الشيطان أو العفريت أو شيء من أعضائه إذا مس ابن آدم أحرقه، كما تحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد المس " أ.هـ، وبهذا يعلم أنه كما يتأذى الإنسان من ضربه بالطين والحجر، مع أنه خلق من طين، فإن الجن يتأذون ويحترقون بالنار مع أنهم خلقوا منها.
الجن مكلفون
قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }(الذاريات:56) فدلت الآية على أن الغاية التي لأجلها خلق الجن والإنس هي العبادة، فهم مكلفون بها، وهذا أمر مجمع عليه، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – بعث إلى الثقلين الإنس والجن، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" : " وأما كونهم مكلفين؛ فقال ابن عبد البر : الجن .. مكلفون .. والدليل .. ما في القرآن من ذم الشياطين، والتحرز من شرهم، وما أعدَّ لهم من العذاب، وهذه الخصال لا تكون إلا لمن خالف الأمر، وارتكب النهي، مع تمكنه من أن لا يفعل، والآيات والأخبار الدالة على ذلك كثيرة جدا " من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الإنس والجن ) أخرجه البزار .
وإذا ثبت أنهم مكلفون فهم مثابون على الطاعة مستحقون العقاب على المعصية، قال تعالى: { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا }(الجن: 15)، وقال أيضاً: { وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً }(الجن:16).
وقال الحافظ أيضاً: "ونقل عن مالك أنه استدل على أن عليهم العقاب ولهم الثواب، بقوله تعالى: { ولمن خاف مقام ربه جنتان } ثم قال: { فبأي آلاء ربكما تكذبان } والخطاب للإنس والجن؛ فإذا ثبت أن فيهم مؤمنين، والمؤمن من شأنه أن يخاف مقام ربه ثبت المطلوب " .
والجن متفاوتون – كالإنس - في مراتبهم وعبادتهم لربهم، فمنهم الصالحون ومنهم دون ذلك، قال تعالى: { وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا }(الجن: 11)، وقال تعالى: { وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا }(الجن:14).
قدرات الجن
ذكر الحق سبحانه صورا تبين مدى قوة الجن وقدرتهم التي تفوق قدرة البشر وطاقتهم في جوانب معينة، من ذلك قدرتهم على التأثير بالوسوسة أو الإيحاء دون تدخل مادي، وهذا المعنى يلخصه الشيطان في خطبته لأهل النار الذين اتبعوه، قال تعالى: { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم }(إبراهيم:22) فالسلطان الذي نفاه الشيطان عن نفسه سلطان الحجة، وسلطان القوة المادية، فهو في وسوسته وإيحاءه للناس لا يستند إلى حجة، أو برهان، أو قوة، أو سلطان، وإنما هي إثارة الشهوات والنعرات، ومع ذلك انظر كم أضل من البشر !!
ومن الآيات التي تدل على قدرة الجن، قوله تعالى: { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا }(الجن:8- 9 ). ولا يخفى أن قعودهم في مقاعد لاستراق خبر السماء يدل على قدرة عظيمة ميزهم الله بها، وهذه القدرة وإن ضعفت بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم إلا أن ضعفها بسبب عامل خارجي؛ وهو الشهب التي يرمون بها، أما القدرة الذاتية فهي قائمة.
طعام الجن
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلي الله علية وسلم - قال: ( أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن ) قال عبد الله : فانطلق رسول الله - صلى الله علية وسلم - بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. وسألوه الزاد فقال: ( لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم ) رواه مسلم .
ولا يخفى أن ذكر هذين الصنفين من الطعام لا يدل على أن الجن عامة مقتصرون عليهما، فربما كان ذلك من أهم طعامهم، أو أنه مختص ببعضهم على حسب أصنافهم وأماكن إقامتهم .
وتحول العظم إلى أوفر ما يكون لحما، وكذلك الروث إلى علف للدواب، مختص بالمؤمنين فحسب. أما الكفّار من الجن فليس لهم ذلك، بل هم يستحلون كل طعام لم يذكر اسم الله عليه، كما في الحديث: ( إن الشيطان يستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه ) رواه مسلم .
ومما يمنع الشياطين من تناول طعام الأنس ذكر اسم الله عليه، فعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلي الله علية وسلم - يقول: ( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء ) رواه مسلم .
مساكن الجن
لم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – الصحيحة وصفا تفصيليا لمساكن الجن، أو شكل عيشهم، وهل لهم مدن وقرى كالحال عند البشر، أم إنهم يعيشون في البراري والفيافي، أم هم مختلطون بالبشر في بيوتهم ومساكنهم، إلا أنه قد ورد في السنة تعيين بعض الأماكن بأن الشياطين تتواجد فيها، ففي حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلي الله علية وسلم - قال: ( إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء، فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ). قال الخطابي : وأصل الحش النخل المتكاثف، وكانوا يقضون حوائجهم إليها قبل أن تتخذ المراحيض في البيوت، ومعنى ( مُحْتَضَرةٌ ) أي: تحضرها الجن والشياطين وتنتابها لقصد الأذى .
تشكل وتصور الجن
عن أبي ثعلبة الخشني – رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( الجن ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وصنف حيات، وصنف يحلون ويظعنون ) رواه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع: "رجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " الجن يتصورون في صور الإبل، والبقر، والغنم، والخيل، والبغال، والحمير، وفي صور بني أدم، وقد أتي الشيطان لقريش في صورة شيخ نجدي لما اجتمعوا بدار الندوة، هل يقتلوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو يحبسوه، أو يخرجوه، كما قال تعالى: { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين }.
ولما أجمعت قريش الخروج إلى بدرٍ ذكروا ما بينهم وبين كنانة من الحرب، فكاد ذلك يثنيهم، فجاء لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي – وكان من أشراف بني كنانة - فقال لهم: أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة بشيءٍ تكرهونه، فخرجوا والشيطان جار لهم لا يفارقهم، فلما دار القتال ورأى عدو الله جند الله قد نزلت من السماء، فركض على عقبيه، فقالوا: إلى أين يا سراقة ؟ ألم تكن قلت: إنك جار لنا لا تفارقنا ؟ فقال: { إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب }".
وثمة آثار كثيرة تبين تمثل الجن ببني آدم، وهي تدل على قدرة الجن على أن تتشكل بصور مختلفة.
تلك كانت نبذة مختصرة عن هذا العالم المجهول، والذي استندنا في تصويره ورسمه إلى نصوص القرآن والسنة، والتي بينت بجلاء حقيقة هذا العالم، بعيدا عن الخرافات والخيالات الجانحة.
حكم السحر والساحر
السحر والجن والحسد
جاء الإسلام ليحفظ للناس دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم، وجعل هذه الضرورات الخمس قواعد الخلق في رعاية مصالحهم ودفع مضارهم، فحرّم كل اعتداء عليها، فحرم الكفر والردة لإخلالها بأصل الدين، وحرم قتل النفس بغير حق، وحرّم الاعتداء على الأموال والأعراض والأنساب، وحرّم الاعتداء على العقول بكافة أنواع المسكرات الحسية والمعنوية .
والسحر لم يأت على قاعدة من هذه القواعد إلا وأفسدها، فالسحر والكفر قلما يفترقان، والسحر سبيل لتبذير المال وتضييعه، وهو مفسد للذرية بتفريق رباط الأسرة، وهو مدخل للزنا والاعتداء على الأعراض؛ وهو كذلك سبيل لاغتيال العقول وطمسها، فلا غرو حينئذ أن يقف الإسلام من السحر وأهله موقفا صارماً فقد حرم تعلمه وتعليمه، وأوجب كف الساحر عن سحره، وإقامة الحد عليه تطهيرا للمجتمع من شره ودجله، وحرم على الناس الذهاب إلى السحرة والاستعانة بهم .
وبين يديك - أخي القارئ – جملة من أحكام الشريعة الإسلامية، التي تبين لك كيف وقف الإسلام من السحر وأهله، وكيف تعامل مع أعمالهم وإفسادهم .
حكم تعلم السحر وتعليمه :
اتفق العلماء على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام، قال ابن قدامة - رحمه الله - في "المغني" "...فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم" وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وأما تعلمه – أي السحر - وتعليمه فحرام ".
ورغم اتفاقهم على حرمة تعلم السحر وتعليمه وممارسته إلا أنهم اختلفوا في تكفير فاعله، فذهب جمهور العلماء ومنهم مالك وأبو حنيفة وأصحاب أحمد وغيرهم إلى تكفيره .
وذهب الشافعي إلى التفصيل، فإن كان في عمل الساحر ما يوجب الكفر، كفر بذلك، وإلا لم يكفر.
واستدل الجمهور القائلون بكفر الساحر بقوله تعالى: { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } قال الحافظ في "الفتح": " فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كفر، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: { إنما نحن فتنة فلا تكفر } فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفرا وهذا كله واضح ".
واستدل الشافعية بما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) متفق عليه . قالوا: دل الحديث على أن السحر ليس من الشرك بإطلاق، ولكن منه ما هو معصية موبقة كقتل النفس وشبهها .
واستدلوا أيضاً بما روي عن عائشة رضي الله عنها أن مدبَّرة لها سحرتها استعجالاً لعتقها فباعتها عائشة ولم تقتلها " رواه الشافعي والحاكم والبيهقي وصححه الحاكم على شرط الشيخين . قال ابن قدامة تعليقا على أثر عائشة : " لو كفرت لصارت مرتدة يجب قتلها ولم يجز استرقاقها " .
قال الشيخ الشنقيطي : " التحقيق في هذه المسألة – يعني تكفير الساحر - هو التفصيل . فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله كالكواكب والجن وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر فهو كفر بلا نزاع، ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت المذكور في سورة " البقرة " فانه كفر بلا نزاع .. وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها فهو حرام حرمة شديدة ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر. هذا هو التحقيق إن شاء الله تعالى في هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء ."
عقوبة الساحر
اختلف أهل العلم في عقوبة الساحر فذهب الحنفية إلى أن الساحر يقتل في حالين: الأول: أن يكون سحره كفرا, والثاني: إذا عرفت مزاولته للسحر بما فيه إضرار وإفساد ولو بغير كفر . وذهب المالكية إلى قتل الساحر, لكن قالوا: إنما يقتل إذا حكم بكفره , وثبت عليه بالبينة لدى الإمام , وعند الشافعية: إن كان سحر الساحر ليس من قبيل ما يكفر به, فهو فسق لا يقتل به، إلا إذا قتل أحداً بسحره عمداً فإنه يقتل به قصاصاً .
وذهب الحنابلة إلى أن الساحر يقتل حداً ولو لم يقتل بسحره أحدا, لكن لا يقتل إلا بشرطين: الأول: أن يكون سحره مما يحكم بكونه كفرا مثل فعل لبيد بن الأعصم , أو يعتقد إباحة السحر . الثاني: أن يكون مسلماً, فإن كان ذميا لم يقتل ; لأنه أقرَّ على شركه وهو أعظم من - السحر , ولأن ( لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقتله ) .
واستدل من رأى قتل الساحر بأنه مرتد، والمرتد كافر وحكمه القتل، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) رواه البخاري .
وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب كتاباً قبل موته بسنة " أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " قال الراوي: فقتلنا ثلاث سواحر في يوم . رواه أحمد وأبو داود .
كما روي قتل السحرة عن عدد من الصحابة منهم عثمان وابن عمر وأبي موسى وقيس بن سعد ، ومن التابعين سبعة منهم عمر بن عبد العزيز .
قال الشيخ الشنقيطي : " والأظهر عندي أن الساحر الذي لم يبلغ به سحره الكفر ولم يقتل به إنسانا أنه لا يقتل . لدلالة النصوص القطعية ، والإجماع على عصمة دماء المسلمين عامة إلا بدليل واضح . وقتل الساحر الذي لم يكفر بسحره لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتجرؤ على دم مسلم من غير دليل صحيح من كتاب أو سنة مرفوعة غير ظاهر عندي. والعلم عند الله تعالى، مع أن القول بقتله مطلقا قوي جدا لفعل الصحابة له من غير نكير " .
فك السحر بالسحر ( النشرة )
اتفق الفقهاء على أن حل السحر بالرقى والأوراد الشرعية جائز ومشروع، أما حل السحر بسحر مثله فمحرم؛ لأنه لا يخرج عن كونه سحراً محرماً كغيره من أنواع السحر، قال ابن القيم : حل السحر بسحر مثله من عمل الشيطان, فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل العمل عن المسحور، ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن النشرة ؟ فقال : ( هي من عمل الشيطان ) ذكره أحمد وأبو داود .
هذه بعض أحكام السحر تعلماً وتعليماً وممارسةً وهي أحكام صارمة، القصد منها التنفير عن هذا الفعل الشنيع واجتنابه، وحماية الناس من شره ومفاسده، فكم جلب السحر على الناس من شرور، وأوقع بينهم من عداوات، وأورث بينهم من أحقاد، وكم هدم من أسر، وأدخل من ضرر على العباد، ولا يمارسه إلا من باع دينه وذهب خلقه: { ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون } فينبغي للعاقل أن يجتبه أشد الاجتناب فلا يتعلمه مشافهة ولا قراءة من كتاب، ولا يأت ساحراً ولا يسأله فما وراءهم إلا الدمار والهلاك .
العين
الحســـــــد
( العين - النفس - النظرة )
يقول الله تعالى:} وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين {
يقول ابن كثير : قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما "ليزلقونك" لينفذونك "بأبصارهم" أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم . وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.
ويقول سبحانه تعالى : } وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [البقرة :109] ويقول تعالى:}أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَىَ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مّلْكاً عَظِيماً{[النساء:54] ، ويقول تعالى : }وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{ .
تعريف الحسد :
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد اصل الحسد : هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها أ.هـ.
ويذكر العلماء أن مراتب الحسد أربعة وهي :
الاولى : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه ولو لم تنتقل للحاسد.
داريت كُل الناسِ لكن حاسدي
مُـداراته عَزت، وعَز مَنَالُها
وكيفَ يداري المرءُ حاسدَ نعمةٍ
إذا كـان لا يُرضيه إلا زوالها
الثانية : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها .
الثالثة : تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما ، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.
الرابعة : حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه . روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمل .
تعريف العين:
يقول ابن القيم في الزاد " هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطيه تارة " .
ويقول في كتابه بدائع الفوائد : العائن والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء ، فيشتركان في أن كل واحد منها تتكيف نفسه ، وتتوجه نحو من يريد أذاه.
فالعائن : تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته .
والحاسد : يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا .
ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده ، من جماد أو حيوان أو زرع أو مال وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه أ.هـ.
ويقول في كتابه الزاد الجزء الثالث : ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون العائن أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثرون في المعين بالوصف من غير رؤية أ.هـ.
أقســـام العين
- العين المعجبة
- العين الحاسدة
- العين القاتلة
الإصابة بالعين إما أن تكون من عين إنسية أو عين من الجن ، فالجن يصيبون بالعين كإصابة الإنس أو أشد ، ففي سنن النسائي عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعيْنِ الإنسِ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ . وتنقسم العين الى ثلاثة أقسام ، وهذا تقسيم افتراضي وليس قطعي :
العين المعجبة : إن النفس إذا ما أفرطت في الإعجاب بنعمة من النعم أثرت فيها وأفسدتها بإذن الله تعالى ما لم يبرك صاحبها ، يقول تعالى في سورة الكهف: } وَلَوْلآ إِذْ دَخَلْتَ جَنّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللّهُ لاَ قُوّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً { ، ويقول صلى الله عليه وسلم ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ) جزء من حديث رواه أبن ماجة .
يقول ابن حجر : أن العين تكون مع الإعجاب ولو بغير حسد ولو من الرجل المحب ومن الرجل الصالح ، وإن الذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة فيكون ذلك رقية منه أ.هـ.
العين الحاسدة : تخرج العين من نفس حاسدة خبيثة ، خبيث صاحبها ، وهي في الأصل تمني زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود , يقول الله تعالى : } وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ { [البقرة: 109] .
أيا حاسداً لي على نعمتي
أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه
لأنـك لم ترض لي ما وهب
فأخزاك ربي بـأن زادني
وسـد عليك وجـوه الطلب
العين القاتله ( السمية ) : تخرج العين من العائن إلى المراد إعانته بقصد الضرر ، قال الكلبي : كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة ، ثم يرفع جانب من خبائه فتمر به النعم فيقول : ما رعى اليوم إبل ولا غنم أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قريبا حتى يسقط منها طائفة ، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك ، فعصم الله تعالى نبيه وانزل قوله تعالى: }وَإِن يَكَادُ الّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمّا سَمِعُواْ الذّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنّهُ لَمَجْنُونٌ{ أ.هـ.
وعند أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ بِالرَّجل بِإِذْنِ اللَّهِ حَتَّى يَصْعَدَ حَالقًا ثُمَّ يتَرَدَّى مِنْه" . فقد يصاب الإنسان بعين سمية في رأسه فتتلف خلايا مخه فيصاب بالجنون ، أو قد يصاب الإنسان بعين سمية في نفسيته فيجهد من الضيق والحزن والكآبة وتضيق عليه الأرض بما رحبت فمثل هذا يخشى عليه من الانتحار والعياذ بالله .
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد عندما تعرض لتفسير سورة الفلق : فلله كم من قتيل وكم من سليب وكم من معافى عادى مضني على فراشه يقول طبيبه لا أعلم داءه ما هو ، فصدق ليس هذا الداء من علم الطبائع ، هذا من علم الأرواح وصفاتها وكيفيتها ومعرفة تأثيراتها في الأجسام والطبائع وانفعال الأجسام عنها وهذا علم لا يعرفه إلا خواص الناس والمحجوبون منكرون له أ.هـ.
قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن جابر بن عبدالله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس" قال البزار يعني العين . يقول ابن كثير في تفسيره لآخر آية في سورة القلم روي هذا الحديث من وجه آخر عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق لتورد الرجل القبر والجمل القدر وإن أكثر هلاك أمتي في العين".
يستنبط من حديث أكثر من يموت من أمتي :
- أن العين تصيب أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من بقية الأمم الأخرى.
- أكثر موتى المسلمين يموتون بسبب العين ، وهذا يعني أن أكثر من 50% ممن يموت من المسلمين كان سبب موتهم حادث سيارة أو سقوط طائرة أو بسبب مرض معروف أو بسبب مرض غير معروف هو في الأصل من بعد قضاء الله وقدره بسبب العين .
- كما يستفاد من هذا الحديث أن الكثير من الأمراض العضوية والنفسية والعصبية التي يعجز الأطباء عن معرفة سببها وطريقة علاجها هي من أثر العين، فما دون الموت أحرى بوقوعه.
أعـراض العيــــن
كثير من الناس يصابون بالعين وهم لا يعلمون ، لأنهم يجهلون أو ينكرون تأثير العين عليهم ، فان أعراض العين في الغالب تكون كمرض من الأمراض العضوية إلا أنها لا تستجيب إلى علاج الأطباء ، كأمراض المفاصل والخمول والأرق والحبوب والتقرحات التي تظهر على الجلد والنفور من الأهل والبيت والمجتمع والدراسة ، وبعض الأمراض النفسية والعصبية ، ومن الملاحظ أن الشحوب في الوجه بسبب انحباس الدم عن عروق الوجه والشعور بالضيق والتأوه والتنهد والنسيان والثقل في مؤخرة الرأس والثقل على الأكتاف والوخز في الأطراف يغلب على مرضى العين ، وكذلك الحرارة في البدن والبرودة في الأطراف .
يقول الشيخ عبد الخالق العطار : أعراض الحسد تظهر على المال والبدن والعيال بحسب مكوناتها ، فإذا وقع الحسد على النفس يصاب صاحبها بشيء من أمراض النفس ، كان يصاب بالصدود عن الذهاب إلى الكلية أو المدرسة أو العمل، أو يصد عن تلقى العلم ومدارسته واستذكاره وتحصيله واستيعابه وتقل درجة ذكائه وحفظه ، وقد يصاب بميل للانطواء والانعزال والابتعاد عن مشاركة الأهل في المعيشة، بل قد يشعر بعدم حب ووفاء وإخلاص أقرب وأحب الناس له ، وقد يجد في نفسه ميلا للاعتداء على الآخرين ، وقد يصير من طبعه العناد ، ويميل إلى عدم الاهتمام بمظهره وملبسه ، ولا يألفه أهله وأحبابه وأصحابه ويسيطر عليه الإحساس بالضيق والزهق ، ويشعر بالاختناق ويصير لا يستقر له حال أو فكر أو مقال . وليس بلازم أن تظهر جميع هذه الأعراض على المحسود بل قد يظهر بعضها فقط. وإذا كان الحسد واقعا على المال ؛ فيصاب المحسود بارتباك وضيق في التعامل مع غيره بشان المال . كما يصاب بالخبل في إعداد وتصنيع أو جلب أو عرض البضائع للتداول ، وقد تتعرض البضائع للتلف وتخيم على حركة البيع سحابه من الركود والكساد ويضيق صاحب المال المحسود ذرعا ولا يقبل التحدث عنه أو العمل من أجله. وإذا كان الحسد واقعا على البدن فانه يصاب بالخمود والخمول والكسل والهزال وقلة الشهية وكثرة التنهد والتأوه وبعض الأوجاع ا.هـ.
يقول أبا العتاهية وقد تأخر عليه عطاءه من عمر بن العلاء :
أصابت علينا جودَك العَين يا عُمَرْ
فنحن لها نَبْغِي التمائمَ والنشَرْ
أصـابتك عَينٌ في سخائك صُلبـةٌ
ويا رب عين صُلبَة تَفْلِقَ الحَجَرْ
سَـنَرْقيكَ بالأشعارِ حتى تملهــا
فإن لم تُفِقْ منها رقَيْنَاكَ بالسوَرْ
ومن أبرز أعراض العين :
- صداع في الرأس .- صفرة وشحوب في الوجه .- كثرة التعرق و التبول .- ضعف الشهية .للأكل - حرارة في الجسم ولو كان الطقس بارداً أو العكس .- خفقان في القلب .- ألم أسفل الظهر و ثقل على الكتفين .- ضيق في الصدر ورغبة في البكاء بدون سبب بل والبكاء من شدة الضيقة في الصدر .
- الكآبة والصمت وقلة الضحك والنظرة لسوداوية للحياة وربما تمني الموت .
- انفعالات شديدة و غضب غير طبيعي وبعض الحالات النفسية كالجنون والوهم و الخوف .
-صعوبة في المشي أو الوقوف لفترة طويلة أو أداء أي عمل شاق ، وقد لا يستطيع بذل أي مجهود .
- النسيان والنعاس عند المذاكرة أو قراءة القرآن أو عند الامتحانات
- النفور من العمل أو الذهاب للمدرسة .
-النفور من المسكن وكراهية البقاء فيه أو العكس " نفور من المجتمع "
- أرق وعدم القدرة على النوم .
- رؤية أحلام تدل على العين كأن يرى في المنام من ينظر اليه في المنام أو رؤية عين أو مجموعة عيون .
أعراض العين وقت الرقية أو على أثرهاأو على أثر استخدام الماء والزيت والإغتسال
- كثرة التثاؤب المصحوب بالدموع . اما في غير وقت الرقية فليس التثاؤب بدليل كافٍ على العين ، يقول الشاعر :
ولما أبت عيناي أن تملك البكى
وان تحبسا سح الدموع السواكبِ
تثاءبت كي لا يُنكر الدمع منكرٌ
ولكن قليلا ما بقـاء التثـــــاؤب
- النعاس والرغبة في النوم .
- قد يحصل للمعيون إغمائة خفيفة .
- يشعر المعيون بالرغبة بالتمغط كالذي يفعله الإنسان عندما يستيقظ من النوم .
- يشعر المعيون بخدر في عامة جسده وربما في إحدى شقيه الأيمن أو الأيسر .
- يتصبب جسده عرقا خصوصا الجبين ومنطقة الظهر .
- يحصل للمعيون غثيان أو تقيؤ .
- مغص ، اسهال .
- كثرة خروج البلغم والبصاق .
- التجشؤ يزداد مع الرقية .
- يجد المعيون الرغبة في البكاء أحيانا .
- برودة في الأطراف .
- وخز في الأطراف .
- حكة في الجسم أو بعض أعضائه .
- زيادة بالنبض " خفقان في القلب " .
- حرارة في البدن وربما شعر بها تخرج من أطرافه .
- رمش في العينين ، فرك العينين بشدة .
- يرى في مخيلته عين أو مجموعة عيون تنظر اليه .
- إذا كانت العين مصحوبة بالمس فقد تظهر أعراض العين وأعراض المس في آن واحد، وقد يكون التثاؤب الشديد المتكرر وقت القراءة الذي يصاحبه صوت مرتفع من أعراض المس ، وكذلك النوم العميق والله أعلم .
خروج العين : تخرج العين على شكل تثاؤب ، وعرق ، واستفراغ ، وعلى شكل خروج هواء من الجوف ، وعطاس ، وتكون على شكل كدمة أو دملة تنزل أو تتنقل حتى تصل إلى منفذ من منافذ الجسد وقد تتقيح فتخرج مع القيح .
* ليس بالضرورة أن تجتمع جميع هذه الأعراض بل بعضها أو اكثرها
شيطـان العيـن
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَيْنُ حَقٌّ وَيَحْضُرُ بِهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ . حديث ضعيف رواه أحمد في مسنده
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوئد الجزء الأول : والشيطان يقارن الساحر والحاسد، ويحادثهما ويصاحبهما ، ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشياطين ، لأن الحاسد شبيه بإبليس ، وهو في الحقيقة من أتباعه . لأنه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعمة الله عنهم أ.هـ.
فالإنسان الحاسد العائن الحاقد يكون مصحوبا بالشياطين ، إذ يجدونه بغيتهم وضالتهم ومن خلاله يتسلطون على المحسودين ، فهم عند خروج اسهم الحسد من العائن يرونها فيقترنون بها ويدخلون في بدن المعيون من خلالها ويتسلطون على جسد المحسود بما تطلبته عين الحاسد ، لأن العين في هذه الحالة تكون لشيطان الحسد كالسحر لشيطان السحر ، ويكون الشيطان مربوطا بهذه العين ولا يمكن إخراجه إلا بعد أن تنفك العين عن المعيون بالرقية أو بالاغتسال من أثر المعيون ، وهذا لا يعني أن جميع حالات الحسد تكون مصحوبة بشيطان ولكن في بعض الحالات . ومن الملاحظ والمعلوم بالتجربة أن العين المعجبة قليلا ما تكون مصحوبة بالمس أما العين الحاسدة والسمية كثيراً ما تكون مصحوبة بالمس والله أعلم.
تعليل ظهور الكدمات والبقع على جسم المريض
عند الأطباء والرقاة
تعليل ظهور الكدمات والبقع عند الأطباء " سؤال طرح على طبيب "
دائمًا أشعر بتجمد الدم في العروق، ويظهر ذلك في الساق والأطراف العلوية في صورة بقع زرقاء، تظهر في البداية مصحوبة بآلام شديدة عدة أيام في نفس المكان، ثم تختفي بعد ذلك تاركة أثرًا بسيطًا، وتغيرًا في لون الجلد، وكل فترة وأخرى ترجع إلى الظهور، ولكن في مكان آخر، مصحوبة بنفس الآلام ؛ فما هو العلاج؟ لم يكن وصفك للحالة التي تصيبك دقيقًا بشكل كافٍ؛ فلم تذكر إذا كان هناك أي أعراض أخرى مصاحبة لهذه الحالة، وإذا كنت قد قمت بأية تحاليل، إلا أننا سنحاول عرض الاحتمالات الواردة لتفسير هذه الحالة.. بالنسبة لتلك البقع الزرقاء، التي تظهر في الأطراف العلوية؛ فهي إما أن تكون نتيجة لوجود سيولة في الدم (وذلك ينتج عن وجود أمراض مزمنة في الدم، أو وجود مرض في الكبد، مثل التليف الكبدي، أو تناول أنواع معينة من العقاقير تسبب سيولة في الدم كأدوية القلب والإسبرين)، أو أن تكون نتيجة وجود خلل في جدران الأوعية الدموية، وعادة يصاحب هذا الخلل بعض الأعراض الأخرى، مثل: وجود قرح في الفم، أو التهاب في العين، أو تورم في الأطراف. وحتى يمكن تشخيص تلك الحالة على وجه صحيح، يجب عمل بعض تحاليل الدم، خاصة لسيولة الدم، وتحليل لوظائف الكبد، كما يجب أخذ عينة من جدار الأوعية الدموية القريبة من أماكن تلك البقع؛ حتى يمكن تحديد وجود أي خلل بها. ويمكنك مراجعتنا مرة أخرى إذا كان هناك أي استيضاح أو استفسار خاص بنفس الحالة. شفاكم الله وعافاكم.تعليل ظهور الكدمات والبقع عند الرقاةظهور الحبوب والتقرحات وازرقاق الجلد : إذا كانت الحبوب تظهر على الجلد بعد الدهن بالزيت وكانت حمراء تصاحبها حرارة فتكون بسبب حساسية الجلد وهي في الغالب تظهر عند الأطفال وبعض النساء ، وأحيانا تكون بسبب العين ، أما إذا كانت حبوب زرقاء سرعان ما تتحول إلى سوداء فهي في الغالب بسبب المس ، ففي كل الحالات ينبغي التوقف عن استخدام الزيت ويستعاض عنه بالاغتسال بالماء والسدر أو بالماء فقط ، ويستخدم العسل والطحين كتلبيخة على الحبوب المتقيحة والله أعلم .أما الزراق الذي يخرج على البشرة فإنه بسبب عدم أكسدة الدم ( عدم تنقية الدم من ثاني أوكسيد الكاربون ) في ذلك الموضع ، فالقلب يضخ الدم الغير مؤكسد الأزرق (الأسود ) الى الرئتين حيث يطرد ثاني أوكسيد الكاربون ، ويتحد الدم مع الأكسجين ثم يعود الدم النقي (المؤكسد) من الرئتين الى البطين الأيسر فيضخه عبر الأروطي( الإبهر ) ، ومن الملاحظة أنه إذا اختنق الإنسان فإنه يزرق وجهه ، وإذا ربطت الأصابع فإنها تزرق ، وقس على ذلك كل الأعضاء التي يسري بها الدم ، ولعل ظهور كدمات ( بقع مثل موضع العضة ) زرقاء أو خضراء أو حمراء بعد الرقية أو الادهان أو حتى الاغتسال بالماء المقروء عليه.. فإن فيه إشارة الى الإصابة بالعين غالبا أو على وجود المس والسحر . ففي حالة السحر المأكول أو المشروب قد تظهر أحيانا هذه البقع الزرقاء ووجود الألم فيها فيه إشارة على هيجان السحر في ذلك العضو.يقول الراقي الشيخ عبدالله مسعود الشريف : إذا ظهرت دملة أو حبة كبيرة أو تجمع دم أو تحجر أو زراق في أي جزء من الجسم يفصد ، أي يضرب بإبرة معقمة ويعصر جميع ما فيها لأنه قد يكون اجتمع فيها عين أو جن بقدرة الله.
( العين - النفس - النظرة )
يقول الله تعالى:} وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين {
يقول ابن كثير : قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما "ليزلقونك" لينفذونك "بأبصارهم" أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم . وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.
ويقول سبحانه تعالى : } وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [البقرة :109] ويقول تعالى:}أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَىَ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مّلْكاً عَظِيماً{[النساء:54] ، ويقول تعالى : }وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{ .
تعريف الحسد :
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد اصل الحسد : هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها أ.هـ.
ويذكر العلماء أن مراتب الحسد أربعة وهي :
الاولى : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه ولو لم تنتقل للحاسد.
داريت كُل الناسِ لكن حاسدي
مُـداراته عَزت، وعَز مَنَالُها
وكيفَ يداري المرءُ حاسدَ نعمةٍ
إذا كـان لا يُرضيه إلا زوالها
الثانية : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها .
الثالثة : تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما ، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.
الرابعة : حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه . روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمل .
تعريف العين:
يقول ابن القيم في الزاد " هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطيه تارة " .
ويقول في كتابه بدائع الفوائد : العائن والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء ، فيشتركان في أن كل واحد منها تتكيف نفسه ، وتتوجه نحو من يريد أذاه.
فالعائن : تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته .
والحاسد : يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا .
ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده ، من جماد أو حيوان أو زرع أو مال وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه أ.هـ.
ويقول في كتابه الزاد الجزء الثالث : ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون العائن أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثرون في المعين بالوصف من غير رؤية أ.هـ.
أقســـام العين
- العين المعجبة
- العين الحاسدة
- العين القاتلة
الإصابة بالعين إما أن تكون من عين إنسية أو عين من الجن ، فالجن يصيبون بالعين كإصابة الإنس أو أشد ، ففي سنن النسائي عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعيْنِ الإنسِ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ . وتنقسم العين الى ثلاثة أقسام ، وهذا تقسيم افتراضي وليس قطعي :
العين المعجبة : إن النفس إذا ما أفرطت في الإعجاب بنعمة من النعم أثرت فيها وأفسدتها بإذن الله تعالى ما لم يبرك صاحبها ، يقول تعالى في سورة الكهف: } وَلَوْلآ إِذْ دَخَلْتَ جَنّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللّهُ لاَ قُوّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً { ، ويقول صلى الله عليه وسلم ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ) جزء من حديث رواه أبن ماجة .
يقول ابن حجر : أن العين تكون مع الإعجاب ولو بغير حسد ولو من الرجل المحب ومن الرجل الصالح ، وإن الذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة فيكون ذلك رقية منه أ.هـ.
العين الحاسدة : تخرج العين من نفس حاسدة خبيثة ، خبيث صاحبها ، وهي في الأصل تمني زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود , يقول الله تعالى : } وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ { [البقرة: 109] .
أيا حاسداً لي على نعمتي
أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه
لأنـك لم ترض لي ما وهب
فأخزاك ربي بـأن زادني
وسـد عليك وجـوه الطلب
العين القاتله ( السمية ) : تخرج العين من العائن إلى المراد إعانته بقصد الضرر ، قال الكلبي : كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة ، ثم يرفع جانب من خبائه فتمر به النعم فيقول : ما رعى اليوم إبل ولا غنم أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قريبا حتى يسقط منها طائفة ، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك ، فعصم الله تعالى نبيه وانزل قوله تعالى: }وَإِن يَكَادُ الّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمّا سَمِعُواْ الذّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنّهُ لَمَجْنُونٌ{ أ.هـ.
وعند أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ بِالرَّجل بِإِذْنِ اللَّهِ حَتَّى يَصْعَدَ حَالقًا ثُمَّ يتَرَدَّى مِنْه" . فقد يصاب الإنسان بعين سمية في رأسه فتتلف خلايا مخه فيصاب بالجنون ، أو قد يصاب الإنسان بعين سمية في نفسيته فيجهد من الضيق والحزن والكآبة وتضيق عليه الأرض بما رحبت فمثل هذا يخشى عليه من الانتحار والعياذ بالله .
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد عندما تعرض لتفسير سورة الفلق : فلله كم من قتيل وكم من سليب وكم من معافى عادى مضني على فراشه يقول طبيبه لا أعلم داءه ما هو ، فصدق ليس هذا الداء من علم الطبائع ، هذا من علم الأرواح وصفاتها وكيفيتها ومعرفة تأثيراتها في الأجسام والطبائع وانفعال الأجسام عنها وهذا علم لا يعرفه إلا خواص الناس والمحجوبون منكرون له أ.هـ.
قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن جابر بن عبدالله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس" قال البزار يعني العين . يقول ابن كثير في تفسيره لآخر آية في سورة القلم روي هذا الحديث من وجه آخر عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق لتورد الرجل القبر والجمل القدر وإن أكثر هلاك أمتي في العين".
يستنبط من حديث أكثر من يموت من أمتي :
- أن العين تصيب أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من بقية الأمم الأخرى.
- أكثر موتى المسلمين يموتون بسبب العين ، وهذا يعني أن أكثر من 50% ممن يموت من المسلمين كان سبب موتهم حادث سيارة أو سقوط طائرة أو بسبب مرض معروف أو بسبب مرض غير معروف هو في الأصل من بعد قضاء الله وقدره بسبب العين .
- كما يستفاد من هذا الحديث أن الكثير من الأمراض العضوية والنفسية والعصبية التي يعجز الأطباء عن معرفة سببها وطريقة علاجها هي من أثر العين، فما دون الموت أحرى بوقوعه.
أعـراض العيــــن
كثير من الناس يصابون بالعين وهم لا يعلمون ، لأنهم يجهلون أو ينكرون تأثير العين عليهم ، فان أعراض العين في الغالب تكون كمرض من الأمراض العضوية إلا أنها لا تستجيب إلى علاج الأطباء ، كأمراض المفاصل والخمول والأرق والحبوب والتقرحات التي تظهر على الجلد والنفور من الأهل والبيت والمجتمع والدراسة ، وبعض الأمراض النفسية والعصبية ، ومن الملاحظ أن الشحوب في الوجه بسبب انحباس الدم عن عروق الوجه والشعور بالضيق والتأوه والتنهد والنسيان والثقل في مؤخرة الرأس والثقل على الأكتاف والوخز في الأطراف يغلب على مرضى العين ، وكذلك الحرارة في البدن والبرودة في الأطراف .
يقول الشيخ عبد الخالق العطار : أعراض الحسد تظهر على المال والبدن والعيال بحسب مكوناتها ، فإذا وقع الحسد على النفس يصاب صاحبها بشيء من أمراض النفس ، كان يصاب بالصدود عن الذهاب إلى الكلية أو المدرسة أو العمل، أو يصد عن تلقى العلم ومدارسته واستذكاره وتحصيله واستيعابه وتقل درجة ذكائه وحفظه ، وقد يصاب بميل للانطواء والانعزال والابتعاد عن مشاركة الأهل في المعيشة، بل قد يشعر بعدم حب ووفاء وإخلاص أقرب وأحب الناس له ، وقد يجد في نفسه ميلا للاعتداء على الآخرين ، وقد يصير من طبعه العناد ، ويميل إلى عدم الاهتمام بمظهره وملبسه ، ولا يألفه أهله وأحبابه وأصحابه ويسيطر عليه الإحساس بالضيق والزهق ، ويشعر بالاختناق ويصير لا يستقر له حال أو فكر أو مقال . وليس بلازم أن تظهر جميع هذه الأعراض على المحسود بل قد يظهر بعضها فقط. وإذا كان الحسد واقعا على المال ؛ فيصاب المحسود بارتباك وضيق في التعامل مع غيره بشان المال . كما يصاب بالخبل في إعداد وتصنيع أو جلب أو عرض البضائع للتداول ، وقد تتعرض البضائع للتلف وتخيم على حركة البيع سحابه من الركود والكساد ويضيق صاحب المال المحسود ذرعا ولا يقبل التحدث عنه أو العمل من أجله. وإذا كان الحسد واقعا على البدن فانه يصاب بالخمود والخمول والكسل والهزال وقلة الشهية وكثرة التنهد والتأوه وبعض الأوجاع ا.هـ.
يقول أبا العتاهية وقد تأخر عليه عطاءه من عمر بن العلاء :
أصابت علينا جودَك العَين يا عُمَرْ
فنحن لها نَبْغِي التمائمَ والنشَرْ
أصـابتك عَينٌ في سخائك صُلبـةٌ
ويا رب عين صُلبَة تَفْلِقَ الحَجَرْ
سَـنَرْقيكَ بالأشعارِ حتى تملهــا
فإن لم تُفِقْ منها رقَيْنَاكَ بالسوَرْ
ومن أبرز أعراض العين :
- صداع في الرأس .- صفرة وشحوب في الوجه .- كثرة التعرق و التبول .- ضعف الشهية .للأكل - حرارة في الجسم ولو كان الطقس بارداً أو العكس .- خفقان في القلب .- ألم أسفل الظهر و ثقل على الكتفين .- ضيق في الصدر ورغبة في البكاء بدون سبب بل والبكاء من شدة الضيقة في الصدر .
- الكآبة والصمت وقلة الضحك والنظرة لسوداوية للحياة وربما تمني الموت .
- انفعالات شديدة و غضب غير طبيعي وبعض الحالات النفسية كالجنون والوهم و الخوف .
-صعوبة في المشي أو الوقوف لفترة طويلة أو أداء أي عمل شاق ، وقد لا يستطيع بذل أي مجهود .
- النسيان والنعاس عند المذاكرة أو قراءة القرآن أو عند الامتحانات
- النفور من العمل أو الذهاب للمدرسة .
-النفور من المسكن وكراهية البقاء فيه أو العكس " نفور من المجتمع "
- أرق وعدم القدرة على النوم .
- رؤية أحلام تدل على العين كأن يرى في المنام من ينظر اليه في المنام أو رؤية عين أو مجموعة عيون .
أعراض العين وقت الرقية أو على أثرهاأو على أثر استخدام الماء والزيت والإغتسال
- كثرة التثاؤب المصحوب بالدموع . اما في غير وقت الرقية فليس التثاؤب بدليل كافٍ على العين ، يقول الشاعر :
ولما أبت عيناي أن تملك البكى
وان تحبسا سح الدموع السواكبِ
تثاءبت كي لا يُنكر الدمع منكرٌ
ولكن قليلا ما بقـاء التثـــــاؤب
- النعاس والرغبة في النوم .
- قد يحصل للمعيون إغمائة خفيفة .
- يشعر المعيون بالرغبة بالتمغط كالذي يفعله الإنسان عندما يستيقظ من النوم .
- يشعر المعيون بخدر في عامة جسده وربما في إحدى شقيه الأيمن أو الأيسر .
- يتصبب جسده عرقا خصوصا الجبين ومنطقة الظهر .
- يحصل للمعيون غثيان أو تقيؤ .
- مغص ، اسهال .
- كثرة خروج البلغم والبصاق .
- التجشؤ يزداد مع الرقية .
- يجد المعيون الرغبة في البكاء أحيانا .
- برودة في الأطراف .
- وخز في الأطراف .
- حكة في الجسم أو بعض أعضائه .
- زيادة بالنبض " خفقان في القلب " .
- حرارة في البدن وربما شعر بها تخرج من أطرافه .
- رمش في العينين ، فرك العينين بشدة .
- يرى في مخيلته عين أو مجموعة عيون تنظر اليه .
- إذا كانت العين مصحوبة بالمس فقد تظهر أعراض العين وأعراض المس في آن واحد، وقد يكون التثاؤب الشديد المتكرر وقت القراءة الذي يصاحبه صوت مرتفع من أعراض المس ، وكذلك النوم العميق والله أعلم .
خروج العين : تخرج العين على شكل تثاؤب ، وعرق ، واستفراغ ، وعلى شكل خروج هواء من الجوف ، وعطاس ، وتكون على شكل كدمة أو دملة تنزل أو تتنقل حتى تصل إلى منفذ من منافذ الجسد وقد تتقيح فتخرج مع القيح .
* ليس بالضرورة أن تجتمع جميع هذه الأعراض بل بعضها أو اكثرها
شيطـان العيـن
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَيْنُ حَقٌّ وَيَحْضُرُ بِهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ . حديث ضعيف رواه أحمد في مسنده
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوئد الجزء الأول : والشيطان يقارن الساحر والحاسد، ويحادثهما ويصاحبهما ، ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشياطين ، لأن الحاسد شبيه بإبليس ، وهو في الحقيقة من أتباعه . لأنه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعمة الله عنهم أ.هـ.
فالإنسان الحاسد العائن الحاقد يكون مصحوبا بالشياطين ، إذ يجدونه بغيتهم وضالتهم ومن خلاله يتسلطون على المحسودين ، فهم عند خروج اسهم الحسد من العائن يرونها فيقترنون بها ويدخلون في بدن المعيون من خلالها ويتسلطون على جسد المحسود بما تطلبته عين الحاسد ، لأن العين في هذه الحالة تكون لشيطان الحسد كالسحر لشيطان السحر ، ويكون الشيطان مربوطا بهذه العين ولا يمكن إخراجه إلا بعد أن تنفك العين عن المعيون بالرقية أو بالاغتسال من أثر المعيون ، وهذا لا يعني أن جميع حالات الحسد تكون مصحوبة بشيطان ولكن في بعض الحالات . ومن الملاحظ والمعلوم بالتجربة أن العين المعجبة قليلا ما تكون مصحوبة بالمس أما العين الحاسدة والسمية كثيراً ما تكون مصحوبة بالمس والله أعلم.
تعليل ظهور الكدمات والبقع على جسم المريض
عند الأطباء والرقاة
تعليل ظهور الكدمات والبقع عند الأطباء " سؤال طرح على طبيب "
دائمًا أشعر بتجمد الدم في العروق، ويظهر ذلك في الساق والأطراف العلوية في صورة بقع زرقاء، تظهر في البداية مصحوبة بآلام شديدة عدة أيام في نفس المكان، ثم تختفي بعد ذلك تاركة أثرًا بسيطًا، وتغيرًا في لون الجلد، وكل فترة وأخرى ترجع إلى الظهور، ولكن في مكان آخر، مصحوبة بنفس الآلام ؛ فما هو العلاج؟ لم يكن وصفك للحالة التي تصيبك دقيقًا بشكل كافٍ؛ فلم تذكر إذا كان هناك أي أعراض أخرى مصاحبة لهذه الحالة، وإذا كنت قد قمت بأية تحاليل، إلا أننا سنحاول عرض الاحتمالات الواردة لتفسير هذه الحالة.. بالنسبة لتلك البقع الزرقاء، التي تظهر في الأطراف العلوية؛ فهي إما أن تكون نتيجة لوجود سيولة في الدم (وذلك ينتج عن وجود أمراض مزمنة في الدم، أو وجود مرض في الكبد، مثل التليف الكبدي، أو تناول أنواع معينة من العقاقير تسبب سيولة في الدم كأدوية القلب والإسبرين)، أو أن تكون نتيجة وجود خلل في جدران الأوعية الدموية، وعادة يصاحب هذا الخلل بعض الأعراض الأخرى، مثل: وجود قرح في الفم، أو التهاب في العين، أو تورم في الأطراف. وحتى يمكن تشخيص تلك الحالة على وجه صحيح، يجب عمل بعض تحاليل الدم، خاصة لسيولة الدم، وتحليل لوظائف الكبد، كما يجب أخذ عينة من جدار الأوعية الدموية القريبة من أماكن تلك البقع؛ حتى يمكن تحديد وجود أي خلل بها. ويمكنك مراجعتنا مرة أخرى إذا كان هناك أي استيضاح أو استفسار خاص بنفس الحالة. شفاكم الله وعافاكم.تعليل ظهور الكدمات والبقع عند الرقاةظهور الحبوب والتقرحات وازرقاق الجلد : إذا كانت الحبوب تظهر على الجلد بعد الدهن بالزيت وكانت حمراء تصاحبها حرارة فتكون بسبب حساسية الجلد وهي في الغالب تظهر عند الأطفال وبعض النساء ، وأحيانا تكون بسبب العين ، أما إذا كانت حبوب زرقاء سرعان ما تتحول إلى سوداء فهي في الغالب بسبب المس ، ففي كل الحالات ينبغي التوقف عن استخدام الزيت ويستعاض عنه بالاغتسال بالماء والسدر أو بالماء فقط ، ويستخدم العسل والطحين كتلبيخة على الحبوب المتقيحة والله أعلم .أما الزراق الذي يخرج على البشرة فإنه بسبب عدم أكسدة الدم ( عدم تنقية الدم من ثاني أوكسيد الكاربون ) في ذلك الموضع ، فالقلب يضخ الدم الغير مؤكسد الأزرق (الأسود ) الى الرئتين حيث يطرد ثاني أوكسيد الكاربون ، ويتحد الدم مع الأكسجين ثم يعود الدم النقي (المؤكسد) من الرئتين الى البطين الأيسر فيضخه عبر الأروطي( الإبهر ) ، ومن الملاحظة أنه إذا اختنق الإنسان فإنه يزرق وجهه ، وإذا ربطت الأصابع فإنها تزرق ، وقس على ذلك كل الأعضاء التي يسري بها الدم ، ولعل ظهور كدمات ( بقع مثل موضع العضة ) زرقاء أو خضراء أو حمراء بعد الرقية أو الادهان أو حتى الاغتسال بالماء المقروء عليه.. فإن فيه إشارة الى الإصابة بالعين غالبا أو على وجود المس والسحر . ففي حالة السحر المأكول أو المشروب قد تظهر أحيانا هذه البقع الزرقاء ووجود الألم فيها فيه إشارة على هيجان السحر في ذلك العضو.يقول الراقي الشيخ عبدالله مسعود الشريف : إذا ظهرت دملة أو حبة كبيرة أو تجمع دم أو تحجر أو زراق في أي جزء من الجسم يفصد ، أي يضرب بإبرة معقمة ويعصر جميع ما فيها لأنه قد يكون اجتمع فيها عين أو جن بقدرة الله.
اعتـداء الجن على مساكن الإنس
اعتـداء الجن على مساكن الإنس
1) العمار .
2) مؤشرات تدل على وجود الشياطين في مساكن الإنس .
3) أسباب اعتداء الجن على مساكن الإنس.
4) طرد شياطين الجن من مساكن الإنس .
العرب تسمي الجن التي تسكن في مساكن الإنس العمار وكثيراً من البيوت مسكونة من صالحي الجن أو من شياطينهم ، ففي الأثر عن يزيد بن جابر قال : (ما من أهل بيت من المسلمين إلا وفي سقف بيتهم من الجن من المسلمين ، إذا وضع غدائهم نزلوا فتغدوا معهم ، وإذا وضعوا عشاءهم نزلوا فتعشوا معهم ، يدفع الله بهم عنهم ).
جاء في صحيح مسلم عن أَبي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي بَيْتِهِ قَالَ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ صَلاتَهُ فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا فِي عَرَاجِينَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ فَوَثَبْتُ لأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ فَقَالَ أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَانَ فِيهِ فَتًى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ قَالَ فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْصَافِ النَّهَارِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذْ عَلَيْكَ سِلاحَكَ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلاحَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَائِمَةً فَأَهْوَى إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا بِهِ وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ فَقَالَتْ لَهُ اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ وَادْخُلِ الْبَيْتَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِي أَخْرَجَنِي فَدَخلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِي الدَّارِ فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الْحَيَّةُ أَمِ الْفَتَى قَالَ فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ وَقُلْنَا ادْعُ اللَّهَ يُحْيِيهِ لَنَا فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ وفي روايةِ أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلاثًا فَإِنْ ذَهَبَ وإلا فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَقَالَ لَهُمُ اذْهَبُوا فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ
وفي رواية عند أبي داود عَنْ أَبِي السَّائِبِ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدُهُ سَمِعْتُ تَحْتَ سَرِيرِهِ تَحْرِيكَ شَيْءٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا حَيَّةٌ فَقُمْتُ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ مَا لَكَ قُلْتُ حَيَّةٌ هَاهُنَا قَالَ فَتُرِيدُ مَاذَا ؟، قُلْتُ: أَقْتُلُهَا ،فَأَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي دَارِهِ تِلْقَاءَ بَيْتِهِ فَقَالَ إِنَّ ابْنَ عَمٍّ لِي كَانَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الأحزابِ اسْتَأْذَنَ إِلَى أَهْلِهِ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِسِلاحِهِ فَأَتَى دَارَهُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَأَشَارَ إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَقَالَتْ لا تَعْجَلْ حَتَّى تَنْظُرَ مَا أَخْرَجَنِي فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَإِذَا حَيَّةٌ مُنْكَرَةٌ فَطَعَنَهَا بِالرُّمْحِ ثُمَّ خَرَجَ بِهَا فِي الرُّمْحِ تَرْتَكِضُ قَالَ فَلا أَدْرِي أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الرَّجُلُ أَوِ الْحَيَّةُ فَأَتَى قَوْمُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَنَا فَقَالَ اسْتَغْفرُوا لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ أَسْلَمُوا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَحَذِّرُوهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ إِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدُ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَاقْتُلُوهُ بَعْدَ الثّلاث، وفي رواية فليؤذنه ثلاثا فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان ، وفي رواية فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالابْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ قَالَ عَبْدُاللَّهِ فَبَيْنَما أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لأَقْتُلَهَا فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ لا تَقْتُلْهَا فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ قَالَ إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَهِيَ الْعَوَامِرُ ( رواه البخاري في صحيحه ).
وفي رواية عند مسلم " نهى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ إلا الابْتَرَ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا اللَّذَانِ يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ وَيَتَتَبَّعَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاء.
الابتر : قصير الذنب .
ذا الطفيتين : الخطان الأبيضان على ظهر الحية .
وعند أبي داود عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ الْهَوَامَّ مِنَ الْجِنِّ فَمَنْ رَأَى فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فَلْيُحَرِّجْ عَلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ عَادَ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ.
مؤشرات تدل على وجود الشياطين في مساكن الإنس :
في بعض الأحيان يتعدى عدوان الجن على الإنس إلى مساكنهم وممتلكاتهم والعبث بها وإثارة الرعب في أهلها ، ولهذا العدوان علامات وظواهر بينة وأخرى خفيه ، ومن هذه الظواهر :
- العبث في الإنارة وباقي الاجهزه الكهربائية.
- تحريك الممتلكات من أماكنها.
- رمي وتكسير الأطباق والأواني المنزلية.
- قذف بالحجارة بصوره متتابعة.
- تصفيق الأبواب المفتوحة. عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلابِ وَنُهَاقَ الْحَمِيرِ مِنَ اللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا تَرَى مَا لا تَرَوْنَ وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ وَأَجِيفُوا الابْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَوْكِئُوا الاسْقِيَةَ وَغَطُّوا الْجِرَارَ وَأَكْفِئُوا الانِيَةَ قَالَ يَزِيدُ وَأَوْكِئُوا الْقِرَبَ . رواه احمد في مسنده
- سرقة بعض الممتلكات التي لم يذكر اسم الله عليها " في الغالب يكون من عن طريق شخص مصاب من أهل المنزل " .
- إشعال النار وحرق الممتلكات بصوره متتابعة بسبب أو وبدون سبب ، وغالباً ما يكون الحريق في الأماكن المغلقة مثل الدواليب والغرف المغلقة الأبواب ، وغالباً ما يكون الحريق في نطاق ضيق مثل حرق ستارة أو سجاد أو ملابس في دولاب …الخ ، وكذلك لا يحصل الحريق في الغالب الا عند وجود أحد سكان المنزل من الأنس .
-
إصدار أصوات مرعبه : ( بكاء ، صراخ ، أنين ، ضحك).
- سماع صوت أحد أصحاب المنزل ينادي ، كأن يسمع الزج زوجته تناديه .
- يُسمع حفيفا كحفيف الأشجار وما أشبه ذلك مما يستوحش منه .
- إحداث ريح شديدة يتأرجح بفعلها كل ما في المكان .
- يُسمع وقعا لخطوات ثقيلة تسير فوق السقف أو في الغرف المجاورة .
- التشكل على هيئة ثعابين وقطط وحيوانات مختلفة .
- التشكل على هيئة نصف إنسان ونصف حيوان.
- الظهور على هيئة دخانٌ أبيض ينساب شيئا فشيئا ويتحول إلى شكل من الأشكال وربما يحصل العكس فيتبدد .
- التشكل على هيئة أشباح سوداء أو رمادية أو بيضاء شفافة تتراوح كثافتها بين الضباب وبخار الماء ، وهذه الأشباح قد تتحول تدريجيا وتتجسد في صورة رجل أو في صورة امرأة أو أي شكل آخر ، وغالبا ما يكون وجه الشبح غير واضح المعالم.
إنسيةٌ بدت في مثال الجن تحسبها
شمسا بدت بين تشريق وتغميم
- يشعر أهل المسكن بانقباض وضيق شديد ونفور من المسكن.
- الشعور بوجود شخص يلازم الإنسان في ذلك المسكن ، وربما يشعر كأن أحداً يسير خلفه وحين يلتفت لا يجد شيئا ! .
- يكثر في أهل المسكن الأحلام المزعجة والكوابيس والفزع عند النوم .
- عندما يمر الإنسان في المكان الذي يتواجد به الجن ، يشعر بخفقان مفاجئ في قلبه ، أو قشعريرة في عامة جسده أو تقشعر جلدة رأسه ، أو يشعر بحفيف كحفيف الشجر ، أو يشم رائحة كبريتية ، أو يشعر المار بمجال مغناطيس يعم كافة جسمه ويكون شديداً في بعض الأماكن ويقل أو ينعدم في أماكن أخرى.
- التشكل للأطفال وتخويفهم بل وضربهم أحيانا . ولذلك تجد بعض الأباء والأمهات يتعجبون من تصرفات أطفالهم ، وذلك عندما يسمعون الطفل يتحدث مع شخص لا يرونه أو عندما يبكي الطفل ويذكر لهم أن رجل في الغرفة قد ضربه أو أن الطفل قد شاهد رجلا متعلقا في السقف بشكل مخيف.
أسباب اعتداء الجن على مساكن الإنس:
في الغالب لا يتعدى الجن على مساكن الإنس ، ولكن أحيانا يحصل التحرش من الجن بسبب من الأسباب التالية:
- ظلم الإنس للجن مثل ما ذكر في باب الاقتران .
- ظلم الجن للإنس بدون سبب (نادرا ما تعتدي الجن على مساكن الإنس دون سبب).
- بسبب السحر ، يقول الله تعالى في سورة طه: } قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَمُوسَىَ{ طه آية 57.
- كثرة المعاصي من غناء ومجون في ذلك المنزل.
- عدم ذكر الله وهجر قراءة القرآن في البيت.
- التحدث عن الجن والاستهزاء بهم بدون داعي.
- عدم تحصين البيت وقت السكن فيه ، يقول رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ. رواه مسلم في صحيحه.
- وجود كلب أو تصاليب وتماثيل وصور ذوات الارواح في البيت: روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثيلُ كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ فَقُلْتُ مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا بَالُ هَذِهِ الْوِسَادَةِ قَالَتْ وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا قَالَ أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمَلائِكَةَ لا تَدْخلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يقُولُ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ .وفي سنن النسائي وابن ماجة ومسند أحمد عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:َ الْمَلائِكَةُ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلا كَلْبٌ وَلا جُنُبٌ . وكلما كثر وجود الصور والتماثيل والمنكرات في البيت فإن الشياطين تزداد قوة وسيطرة على أهله .
طرد شياطين الجن من مساكن الإنس :
- تخرج ما في البيت من محرمات مثل التماثيل وصور ذوات الأرواح.
- تقرأ سورة البقرة بيقين وحضور قلب ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ . رواه مسلم وفي رواية عن أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ . رواه مسلم .
- تقرأ سورة البقرة في كل يوم مرة أو على الأقل كل يوم مرة لمدة ثلاثة أيام متتالية لا يقرب بيتك شيطان بإذن الله تعالى ، عَنِ النُّعْمَانِ ابْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلا يُقْرَأَانِ فِي دَارٍ ثَلاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، رواه الترمذي ؛ ومن ثم يحافظ على قراءة سورة البقرة على الأقل مرة كل ثلاثة أيام ، أخرج أبو يعلى وابن حبان والطبراني والبيهقي في الشعب عن سهل بن سعد الساعدي قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل شيء سناما، وسنام القرآن سورة البقرة ، من قرأها في بيته نهاراً لم يدخله الشيطان ثلاث ليال".
- الإكثار من قراءة القران في المنزل ، يقول تعالى: } وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ حِجَاباً مّسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَىَ قُلُوبِهِمْ أَكِنّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيَ آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلّوْاْ عَلَىَ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً { [ الإسراء :45 ، 46 ]
- وفي كتاب الوابل الصيب لابن القيم هذه الطريقة ، تحضر ماء في إناء وتقراء فيه هذا الكلام :
بسم الله ، أمسينا ( أصبحنا ) بالله الذي ليس منه شيء ممتنع ، وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام ، وبسلطان الله المنيع نحتجب وبأسمائه الحسنى كلها عائذين من الأبالسة ومن شر ما يخرج بالليل ويكمن بالنهار ، ويكمن بالليل ويخرج بالنهار ، ومن شر ما خلق وذرأ وبرا ، ومن شر إبليس وجنوده ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ، أعوذ بما استعاذ به موسى وعيسى وإبراهيم الذي وفى ، من شر ما خلق وذرا ومن شر إبليس وجنوده ومن شر ما يبغي.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
} وَالصّافّاتِ صَفّا * فَالزّاجِرَاتِ زَجْراً * فَالتّالِيَاتِ ذِكْراً * إِنّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبّ الْمَشَارِقِ * إِنّا زَيّنّا السّمَآءَ الدّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظاً مّن كُلّ شَيْطَانٍ مّارِدٍ * لاّ يَسّمّعُونَ إِلَىَ الْمَلإِ الأعْلَىَ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلّ جَانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ * إِلاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ { الصافات
ثم تتبع بهذا الماء زوايا الدار فترشه في أركان الغرف وفي كل جانب من جوانب الدار أ.هـ.
وينبغي أن يخاطب الجان الصائل المعتدي على مساكن الإنس بصوت مسموع بعد حمد الله والثناء عليه، بأنه ليس له حق التصرف في هذه الدار وأن لصاحب البيت التصرف المطلق في بيته ، وليس للجن أن يمكثوا في بيوت الإنس إلا بإذنهم ، ولو قال الجان أنه يسكن هذه الدار قبلهم ، فيبين له أنه ليس له فيما يملكه الإنس من حق ، وللجن ما شرع لهم من المساكن كالخراب والبراري والوديان ، اختصم الجن المسلمون والجن المشركون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسألوه أن يسكنهم فأسكن المسلمين "الجلس" وهو كل مرتفع من الأرض ، وأسكن المشركين "الغور" وهو ما انخفض من الأرض .
وأن تبين لهم أن فعلهم هذا حرام وظلم واعتداء ، واقرأ عليهم قول الله َتَعَالَى : ( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ* )[ البقرة:193]، وأخبره بقوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي " يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا ". وأخبره بأنه ليس لهم حق التصرف في هذا البيت وأخبره بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " لا يأخذ أحد شبرا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة".
وقل لهم بأن فعلهم هذا ظلم لا يرضاه الله تعالى وإنهم على عمل باطل وكبيرة من الكبائر يقول النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تُقَادَ الشَّاةُ الْجَلْحَاءُ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ " ويقول رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَاضِينَ" ،،،، وان قال لك انه من المسلمين فقل له يقوله صلى الله عليه وسلم : "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى اللَّه عنه" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ، فتوبوا إلى الله فلا تظهروا لنا ولا تؤذوننا وليكن ذلك منكم طاعة لله ورسوله .
قد يفعل الإنسان كل ما سبق ولكن دون جدوى والسبب في ذلك والله أعلم وجود سحر أو وجود إنسان من أهل المنزل به مس من الجان أو تضرر الجن من الإنس بسبب أو آخر، والحل في مثل هذه الحالة ؛ متابعة القراءة في المنزل ، والتحريج على الجن والتحدث إليهم بالترغيب والترهيب ، وكذلك رش الماء والملح خصوصا عند عتب الأبواب والزوايا ، والقراءة على أهل ذلك البيت حتى تتوقف الشياطين عن الأذى ولو طالت المدة فسوف يقهرون ويخرجون بإذن الله تعالى .
يسأل كثير من المرضى عن جدوى تشغيل سورة البقرة أو غيرها من سور القران عن طريق المسجل في البيت المسكون أو حتى من باب التحصين وطرد الشياطين من البيت ، إذا كانت أصوات الموسيقى والأغاني سبباً من أسباب جلب وقوة سلطان الشياطين فإن تشغيل القران والاستماع إليه عن طريق المسجل له تأثير على إضعاف وطرد الشياطين التي في البيت بل وعلى المصاب بالمس والسحر ، ولكن تأثير المسجل لا يقارن بتأثير من يقرأ بنية وحضور قلب ، كما أن لنفس القارئ المصاحب لكلام الله تعالى تأثيراً والله أعلم .
1) العمار .
2) مؤشرات تدل على وجود الشياطين في مساكن الإنس .
3) أسباب اعتداء الجن على مساكن الإنس.
4) طرد شياطين الجن من مساكن الإنس .
العرب تسمي الجن التي تسكن في مساكن الإنس العمار وكثيراً من البيوت مسكونة من صالحي الجن أو من شياطينهم ، ففي الأثر عن يزيد بن جابر قال : (ما من أهل بيت من المسلمين إلا وفي سقف بيتهم من الجن من المسلمين ، إذا وضع غدائهم نزلوا فتغدوا معهم ، وإذا وضعوا عشاءهم نزلوا فتعشوا معهم ، يدفع الله بهم عنهم ).
جاء في صحيح مسلم عن أَبي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي بَيْتِهِ قَالَ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ صَلاتَهُ فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا فِي عَرَاجِينَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ فَوَثَبْتُ لأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ فَقَالَ أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَانَ فِيهِ فَتًى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ قَالَ فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْصَافِ النَّهَارِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذْ عَلَيْكَ سِلاحَكَ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلاحَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَائِمَةً فَأَهْوَى إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا بِهِ وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ فَقَالَتْ لَهُ اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ وَادْخُلِ الْبَيْتَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِي أَخْرَجَنِي فَدَخلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِي الدَّارِ فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الْحَيَّةُ أَمِ الْفَتَى قَالَ فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ وَقُلْنَا ادْعُ اللَّهَ يُحْيِيهِ لَنَا فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ وفي روايةِ أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلاثًا فَإِنْ ذَهَبَ وإلا فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَقَالَ لَهُمُ اذْهَبُوا فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ
وفي رواية عند أبي داود عَنْ أَبِي السَّائِبِ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدُهُ سَمِعْتُ تَحْتَ سَرِيرِهِ تَحْرِيكَ شَيْءٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا حَيَّةٌ فَقُمْتُ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ مَا لَكَ قُلْتُ حَيَّةٌ هَاهُنَا قَالَ فَتُرِيدُ مَاذَا ؟، قُلْتُ: أَقْتُلُهَا ،فَأَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي دَارِهِ تِلْقَاءَ بَيْتِهِ فَقَالَ إِنَّ ابْنَ عَمٍّ لِي كَانَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الأحزابِ اسْتَأْذَنَ إِلَى أَهْلِهِ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِسِلاحِهِ فَأَتَى دَارَهُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَأَشَارَ إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَقَالَتْ لا تَعْجَلْ حَتَّى تَنْظُرَ مَا أَخْرَجَنِي فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَإِذَا حَيَّةٌ مُنْكَرَةٌ فَطَعَنَهَا بِالرُّمْحِ ثُمَّ خَرَجَ بِهَا فِي الرُّمْحِ تَرْتَكِضُ قَالَ فَلا أَدْرِي أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الرَّجُلُ أَوِ الْحَيَّةُ فَأَتَى قَوْمُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَنَا فَقَالَ اسْتَغْفرُوا لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ أَسْلَمُوا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَحَذِّرُوهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ إِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدُ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَاقْتُلُوهُ بَعْدَ الثّلاث، وفي رواية فليؤذنه ثلاثا فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان ، وفي رواية فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالابْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ قَالَ عَبْدُاللَّهِ فَبَيْنَما أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لأَقْتُلَهَا فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ لا تَقْتُلْهَا فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ قَالَ إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَهِيَ الْعَوَامِرُ ( رواه البخاري في صحيحه ).
وفي رواية عند مسلم " نهى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ إلا الابْتَرَ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا اللَّذَانِ يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ وَيَتَتَبَّعَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاء.
الابتر : قصير الذنب .
ذا الطفيتين : الخطان الأبيضان على ظهر الحية .
وعند أبي داود عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ الْهَوَامَّ مِنَ الْجِنِّ فَمَنْ رَأَى فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فَلْيُحَرِّجْ عَلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ عَادَ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ.
مؤشرات تدل على وجود الشياطين في مساكن الإنس :
في بعض الأحيان يتعدى عدوان الجن على الإنس إلى مساكنهم وممتلكاتهم والعبث بها وإثارة الرعب في أهلها ، ولهذا العدوان علامات وظواهر بينة وأخرى خفيه ، ومن هذه الظواهر :
- العبث في الإنارة وباقي الاجهزه الكهربائية.
- تحريك الممتلكات من أماكنها.
- رمي وتكسير الأطباق والأواني المنزلية.
- قذف بالحجارة بصوره متتابعة.
- تصفيق الأبواب المفتوحة. عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلابِ وَنُهَاقَ الْحَمِيرِ مِنَ اللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا تَرَى مَا لا تَرَوْنَ وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ وَأَجِيفُوا الابْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَوْكِئُوا الاسْقِيَةَ وَغَطُّوا الْجِرَارَ وَأَكْفِئُوا الانِيَةَ قَالَ يَزِيدُ وَأَوْكِئُوا الْقِرَبَ . رواه احمد في مسنده
- سرقة بعض الممتلكات التي لم يذكر اسم الله عليها " في الغالب يكون من عن طريق شخص مصاب من أهل المنزل " .
- إشعال النار وحرق الممتلكات بصوره متتابعة بسبب أو وبدون سبب ، وغالباً ما يكون الحريق في الأماكن المغلقة مثل الدواليب والغرف المغلقة الأبواب ، وغالباً ما يكون الحريق في نطاق ضيق مثل حرق ستارة أو سجاد أو ملابس في دولاب …الخ ، وكذلك لا يحصل الحريق في الغالب الا عند وجود أحد سكان المنزل من الأنس .
-
إصدار أصوات مرعبه : ( بكاء ، صراخ ، أنين ، ضحك).
- سماع صوت أحد أصحاب المنزل ينادي ، كأن يسمع الزج زوجته تناديه .
- يُسمع حفيفا كحفيف الأشجار وما أشبه ذلك مما يستوحش منه .
- إحداث ريح شديدة يتأرجح بفعلها كل ما في المكان .
- يُسمع وقعا لخطوات ثقيلة تسير فوق السقف أو في الغرف المجاورة .
- التشكل على هيئة ثعابين وقطط وحيوانات مختلفة .
- التشكل على هيئة نصف إنسان ونصف حيوان.
- الظهور على هيئة دخانٌ أبيض ينساب شيئا فشيئا ويتحول إلى شكل من الأشكال وربما يحصل العكس فيتبدد .
- التشكل على هيئة أشباح سوداء أو رمادية أو بيضاء شفافة تتراوح كثافتها بين الضباب وبخار الماء ، وهذه الأشباح قد تتحول تدريجيا وتتجسد في صورة رجل أو في صورة امرأة أو أي شكل آخر ، وغالبا ما يكون وجه الشبح غير واضح المعالم.
إنسيةٌ بدت في مثال الجن تحسبها
شمسا بدت بين تشريق وتغميم
- يشعر أهل المسكن بانقباض وضيق شديد ونفور من المسكن.
- الشعور بوجود شخص يلازم الإنسان في ذلك المسكن ، وربما يشعر كأن أحداً يسير خلفه وحين يلتفت لا يجد شيئا ! .
- يكثر في أهل المسكن الأحلام المزعجة والكوابيس والفزع عند النوم .
- عندما يمر الإنسان في المكان الذي يتواجد به الجن ، يشعر بخفقان مفاجئ في قلبه ، أو قشعريرة في عامة جسده أو تقشعر جلدة رأسه ، أو يشعر بحفيف كحفيف الشجر ، أو يشم رائحة كبريتية ، أو يشعر المار بمجال مغناطيس يعم كافة جسمه ويكون شديداً في بعض الأماكن ويقل أو ينعدم في أماكن أخرى.
- التشكل للأطفال وتخويفهم بل وضربهم أحيانا . ولذلك تجد بعض الأباء والأمهات يتعجبون من تصرفات أطفالهم ، وذلك عندما يسمعون الطفل يتحدث مع شخص لا يرونه أو عندما يبكي الطفل ويذكر لهم أن رجل في الغرفة قد ضربه أو أن الطفل قد شاهد رجلا متعلقا في السقف بشكل مخيف.
أسباب اعتداء الجن على مساكن الإنس:
في الغالب لا يتعدى الجن على مساكن الإنس ، ولكن أحيانا يحصل التحرش من الجن بسبب من الأسباب التالية:
- ظلم الإنس للجن مثل ما ذكر في باب الاقتران .
- ظلم الجن للإنس بدون سبب (نادرا ما تعتدي الجن على مساكن الإنس دون سبب).
- بسبب السحر ، يقول الله تعالى في سورة طه: } قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَمُوسَىَ{ طه آية 57.
- كثرة المعاصي من غناء ومجون في ذلك المنزل.
- عدم ذكر الله وهجر قراءة القرآن في البيت.
- التحدث عن الجن والاستهزاء بهم بدون داعي.
- عدم تحصين البيت وقت السكن فيه ، يقول رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ. رواه مسلم في صحيحه.
- وجود كلب أو تصاليب وتماثيل وصور ذوات الارواح في البيت: روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثيلُ كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ فَقُلْتُ مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا بَالُ هَذِهِ الْوِسَادَةِ قَالَتْ وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا قَالَ أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمَلائِكَةَ لا تَدْخلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يقُولُ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ .وفي سنن النسائي وابن ماجة ومسند أحمد عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:َ الْمَلائِكَةُ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلا كَلْبٌ وَلا جُنُبٌ . وكلما كثر وجود الصور والتماثيل والمنكرات في البيت فإن الشياطين تزداد قوة وسيطرة على أهله .
طرد شياطين الجن من مساكن الإنس :
- تخرج ما في البيت من محرمات مثل التماثيل وصور ذوات الأرواح.
- تقرأ سورة البقرة بيقين وحضور قلب ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ . رواه مسلم وفي رواية عن أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ . رواه مسلم .
- تقرأ سورة البقرة في كل يوم مرة أو على الأقل كل يوم مرة لمدة ثلاثة أيام متتالية لا يقرب بيتك شيطان بإذن الله تعالى ، عَنِ النُّعْمَانِ ابْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلا يُقْرَأَانِ فِي دَارٍ ثَلاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، رواه الترمذي ؛ ومن ثم يحافظ على قراءة سورة البقرة على الأقل مرة كل ثلاثة أيام ، أخرج أبو يعلى وابن حبان والطبراني والبيهقي في الشعب عن سهل بن سعد الساعدي قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل شيء سناما، وسنام القرآن سورة البقرة ، من قرأها في بيته نهاراً لم يدخله الشيطان ثلاث ليال".
- الإكثار من قراءة القران في المنزل ، يقول تعالى: } وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ حِجَاباً مّسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَىَ قُلُوبِهِمْ أَكِنّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيَ آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلّوْاْ عَلَىَ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً { [ الإسراء :45 ، 46 ]
- وفي كتاب الوابل الصيب لابن القيم هذه الطريقة ، تحضر ماء في إناء وتقراء فيه هذا الكلام :
بسم الله ، أمسينا ( أصبحنا ) بالله الذي ليس منه شيء ممتنع ، وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام ، وبسلطان الله المنيع نحتجب وبأسمائه الحسنى كلها عائذين من الأبالسة ومن شر ما يخرج بالليل ويكمن بالنهار ، ويكمن بالليل ويخرج بالنهار ، ومن شر ما خلق وذرأ وبرا ، ومن شر إبليس وجنوده ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ، أعوذ بما استعاذ به موسى وعيسى وإبراهيم الذي وفى ، من شر ما خلق وذرا ومن شر إبليس وجنوده ومن شر ما يبغي.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
} وَالصّافّاتِ صَفّا * فَالزّاجِرَاتِ زَجْراً * فَالتّالِيَاتِ ذِكْراً * إِنّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبّ الْمَشَارِقِ * إِنّا زَيّنّا السّمَآءَ الدّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظاً مّن كُلّ شَيْطَانٍ مّارِدٍ * لاّ يَسّمّعُونَ إِلَىَ الْمَلإِ الأعْلَىَ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلّ جَانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ * إِلاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ { الصافات
ثم تتبع بهذا الماء زوايا الدار فترشه في أركان الغرف وفي كل جانب من جوانب الدار أ.هـ.
وينبغي أن يخاطب الجان الصائل المعتدي على مساكن الإنس بصوت مسموع بعد حمد الله والثناء عليه، بأنه ليس له حق التصرف في هذه الدار وأن لصاحب البيت التصرف المطلق في بيته ، وليس للجن أن يمكثوا في بيوت الإنس إلا بإذنهم ، ولو قال الجان أنه يسكن هذه الدار قبلهم ، فيبين له أنه ليس له فيما يملكه الإنس من حق ، وللجن ما شرع لهم من المساكن كالخراب والبراري والوديان ، اختصم الجن المسلمون والجن المشركون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسألوه أن يسكنهم فأسكن المسلمين "الجلس" وهو كل مرتفع من الأرض ، وأسكن المشركين "الغور" وهو ما انخفض من الأرض .
وأن تبين لهم أن فعلهم هذا حرام وظلم واعتداء ، واقرأ عليهم قول الله َتَعَالَى : ( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ* )[ البقرة:193]، وأخبره بقوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي " يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا ". وأخبره بأنه ليس لهم حق التصرف في هذا البيت وأخبره بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " لا يأخذ أحد شبرا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة".
وقل لهم بأن فعلهم هذا ظلم لا يرضاه الله تعالى وإنهم على عمل باطل وكبيرة من الكبائر يقول النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تُقَادَ الشَّاةُ الْجَلْحَاءُ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ " ويقول رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَاضِينَ" ،،،، وان قال لك انه من المسلمين فقل له يقوله صلى الله عليه وسلم : "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى اللَّه عنه" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ، فتوبوا إلى الله فلا تظهروا لنا ولا تؤذوننا وليكن ذلك منكم طاعة لله ورسوله .
قد يفعل الإنسان كل ما سبق ولكن دون جدوى والسبب في ذلك والله أعلم وجود سحر أو وجود إنسان من أهل المنزل به مس من الجان أو تضرر الجن من الإنس بسبب أو آخر، والحل في مثل هذه الحالة ؛ متابعة القراءة في المنزل ، والتحريج على الجن والتحدث إليهم بالترغيب والترهيب ، وكذلك رش الماء والملح خصوصا عند عتب الأبواب والزوايا ، والقراءة على أهل ذلك البيت حتى تتوقف الشياطين عن الأذى ولو طالت المدة فسوف يقهرون ويخرجون بإذن الله تعالى .
يسأل كثير من المرضى عن جدوى تشغيل سورة البقرة أو غيرها من سور القران عن طريق المسجل في البيت المسكون أو حتى من باب التحصين وطرد الشياطين من البيت ، إذا كانت أصوات الموسيقى والأغاني سبباً من أسباب جلب وقوة سلطان الشياطين فإن تشغيل القران والاستماع إليه عن طريق المسجل له تأثير على إضعاف وطرد الشياطين التي في البيت بل وعلى المصاب بالمس والسحر ، ولكن تأثير المسجل لا يقارن بتأثير من يقرأ بنية وحضور قلب ، كما أن لنفس القارئ المصاحب لكلام الله تعالى تأثيراً والله أعلم .
اطراف السحر..الساحر والمسحور
أطــراف السحــــر
1. الإنسان الساحر
2. ساحر الجن
3. شيطان السحر
4. التابع (الرصد)
5. طالب السحر
6. الإنسان المسحور
الإنسان الساحر:
ساحر الإنس هو في الحقيقة شيطان من شياطين الإنس ، لا يحب الخير أبدا ، يركع ويسجد لشياطين الجن من دون الله ، نُزعت الرأفة والرحمة من قلبه ، همه المال والشهوة وإرضاء أسياده من شياطين الجن ، قذر نجس الباطن والظاهر ، كافر بالله بل لابد لساحر الإنس أن يكفر بالله حتى يكون ساحرا ، يقوله الله تعالى :" وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ " الآية ، يلعن ذات الله ويسب رسوله ، ويكتب والعياذ بالله بعض آيات القران الكريم بمداد نجس ويستنجي بأوراقه ، ويصنع منها حذاء له ، ويطأ المصحف بل يتغوط ويبول عليه ، وعقابه الشرعي ضربة بالسيف تستأصل رقبته من بدنه .
علامات يعرف بـها السحرة:
يقول الشيخ وحيد عبد السلام بالي في كتابه صاحب كتاب الصارم البتار: إذا وجدت علامة واحدة من هذه العلامات في أحد المعالجين فهو من الدجالين والمشعوذين ومن الكهان والعرافين وهو من السحرة بلا أدنى ريب ، وهذه العلامات هي:
(1) يسأل المريض عن اسمه واسم أمه.
(2) يأخذ أثرا من آثار المريض ( ثوب قلنسوة منديل).
(3) أحيانا يطلب حيوانا بصفات معينة ليذبح ولا يذكر اسم الله عليه.
(4) كتابة الطلاسم أو تلاوة العزائم الغير مفهومة.
(5) إعطاء المريض حجابا يحتوي على مربعات بداخلها حروف أو أرقام.
(6) يأمر المريض بأن يعتزل الناس فتره معينه في غرفة لا تدخلها شمس ويسميها العامة الحاجبة.
(7) أحيانا يطلب من المريض أن لا يمس الماء لمدة معينه.
(8) يعطي المريض أشياء يدفنها في الأرض.
(9) يعطي المريض أوراقا يحرقها ويتبخر بها.
(10) أحيانا يخبر المريض باسـمه واسم أمه وبلده ومشكلته.
(11) يطلب طلبات منكره كأن يقول لا تمس المصحف ، أو لا تقرأ القران ، أو لا تصلِ ، أو استمع إلى الموسيقى .
فإذا علمت أن الرجل ساحرٌ فإياك والذهاب إليه ، وإلا ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(َ مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَة )(رواه أحمد). وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم)(رواه مسلم).
ساحر الجن :
يقول سبحانه وتعالى: " وَاتّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشّيَاطِينُ عَلَىَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنّ الشّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحْرَ " الآية . ساحر الجن شيطان من الشياطين الأبالسة ، تمرس وتمرن لسنين طويلة على أعمال الشر والفتنة والشرك والكفر بالله ، خبير بطرق وأساليب السحر والتفريق والأذى ، يوحي إلى وليه ساحر الإنس بخبراته وتجاربه وطرق وكيفية عمل السحر .
شيطان السحر أو خادم السحر :
الإنسان الساحر يتقرب ويتودد ويتحبب إلى كبار عفاريت ومردة الشيطان بفعل كل أنواع الكفر والشرك والفسوق والعصيان ، فتعينه الشياطين وتجعل تحت إمرته وخدمته كثيراً من الجن الأشرار على اختلاف أصنافهم وطرائقهم ، من أجل أن يستخدمهم في إيقاع الضر بالإنسان المسحور .
خادم السحر ( المرسل ) : إذا كان شيطان السحر مرسلا فهذا يعني أنه يمكنه الخروج من جسد المصاب ، ولو شدد عليه بالقراءة يخرج صاغرا ، وربما أرجعه الساحر وقد يخون ويعود من نفسه ، وأغلب شياطين السحر المرسلة هي من المدد الشيطاني الذي يمد به ساحر الجن الى الموكل بالسحر عندما يعجز عن تنفيذ أوامر السحر .
خادم السحر ( المربوط ) : يكون الشيطان مربوطا ومقيدا بالسحر حتى لا يترك المسحور لأي سبب من الأسباب فهو لا يستطيع الخروج من جسم المسحور وقت القراءة ولا بعدها ، حتى يبطل الله سحره .
التـابع ( الرصد) :
لا بد من ذكر حقيقة هامة ، وهي أن كل سحر لابد من متابعته بجن آخر يكون همزة وصل بين الساحر والجن الموجود مع المسحور ينقل إلى الساحر أخبار هذا الجن وينقل تعليمات الساحر إليه ، وايضاً يساعد الموكل بالسحر بالمعاضدة والنصح والتاثير على الآخرين ، وغالبا ما يكون هذا التابع أقوى من الموكل بالسحر وعنده من العلم والدراية خاصة في علاج الجن ، حيث أن بعض الجن يصاب أو يمرض أو يؤذى من الراقي فيأتي هذا التابع لعلاجه أو استدعاء آخرين إذا لم يستطع علاجه بنفسه والله أعلم.
الإنسان طالب السحر:
طالب السحر : إنسان حاقد ، ظالم ، جاهل ، جبان يعمل بالخفاء ، إذا أراد أن ينتقم من إنسان آخر ذهب إلى عدو الله الساحر فيطلب منه أن يفرق بين فلان وفلانه أو أن لا يجعل فلانة تتزوج من فلان أو أن ينفر فلان من أهل بيته ومجتمعه وعمله .. الخ ، يخسر دينه ويغضب ربه ويقحم نفسه في نار جهنم والعياذ بالله يقول الله تعالى : " وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ" . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من تَطير أو تُطير له أو تكهن أو تُكهن له أو سحر أو سُحر له ) رواه البزار ، ويقول عليه الصلاة والسلام : ( اجتنِبوا السّبعَ الموبقات. قالوا: يا رسولَ اللهِ وما هُنّ ؟ قال: الشّركُ باللهِ, والسّحرُ, وقتْلُ النّفسِ التي حَرّمَ اللهُ إلاّ بالحقّ ، وأكلُ الرّبا ، وأكلُ مالِ اليَتيم ، والتّولّي يوم الزّحفِ، وقذفُ المُحصناتِ المؤمناتِ الغافِلاتِ) رواه الشيخان . إن عمل السحر ظلم عظيم والله سبحانه وتعالى يقول: " وَلاَ تَحْسَبَنّ اللّهَ غَافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ إِنّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ " [المؤمنون:42].
وكم أعجب من استخفاف من يدبر السحر من عقوبة الله وهو شديد العقاب، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:( مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجّلَ اللهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدّنْيَا مَعَ مَا يَدّخِرُ لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرّحِمِ ) .رواه ابن ماجة والترمذي وأحمد . ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم العاضهة والمستعضهة. يعني: بالعاضهة: الساحرة، وبالمستعضهة: التي تسألها أن تسحر لها .
يعلم من يطلب السحر أنه يعمل عملا يغضب الله سبحانه وتعالى ، يعمل عملا يدخله نار جهنم من أجل ماذا !؟. من أجل أن لا تتزوج فلانة من فلان أو حسدا لماذا لا يتزوج فلان من فلانه ، لماذا هم أغنياء ونحن فقراء أو حسدا لماذا أبناء فلانة متفوقون في دراستهم وأعمالهم … الخ. يقول اللَّهُ تَعَالَى:" وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ".
يقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ". رواه البخاري
فليتقِ الله من يتعامل مع هؤلاء السحرة لعنهم الله ، وليستغفر الله ويتوب إليه ، وليبطل ما عمل من السحر ، وليكثر من الطاعات والاستغفار لعل الله أن يتوب عليه ، يقول الله تعالى في سورة آل عمران : " وَالّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوَاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلاّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرّواْ عَلَىَ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" ، ويقول تعالى في سورة المائدة" فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ " . وليحذر ويتقي دعوة المظلوم فإنها مستجابة .
أخرج البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ، وعند الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
*وأحب أن أنبه طالب السحر إلى بعض الأمور التالية*
· إن عمل السحر بغي ومكر سيئ ، وجاء في الحديث "والله ثلاث مـن كـن فيه فهي راجعة على صاحبها البغي، والمكر، والنكث " ، أي فشرها يعود عليه ، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "اسْتِكْبَاراً فِي الأرْضِ وَمَكْرَ السّيّىءِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السّيّىءُ إِلاّ بِأَهْلِه " ، وقرأ " يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم" وقرأ "فمن نكث فإنما ينكث على نفسه"
· قد ينعكس السحر عليك ، وهذا يحصل أحيانا .
· غضب الجبار ، يقول سبحانه وتعالى : " وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ" البقرة 102.
· قد يُكشف الله أمرك ويفضحك في الدنيا قبل الآخرة .
· قد لا يحكم السحر بالمسحور ، "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله".
· لو حكم السحر بالمسحور فإنه ليس بالضرورة أن تنفذ أوامر السحر ، يقول تعالى: ( وَلاَ يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتَىَ ) .
الإنسان المسحور:
إنسان مبتلى بسحر من سحره ، فينبغي عليه الصبر على البلاء وليحتسب الأجر والمغفرة عند الله ، وليتخذ من الأسباب الشرعية المباحة في علاج نفسه وإبطال سحره وليرفع أكف الضراعة وليلح في الدعاء فان الله سبحانه وتعالى يقول :" أَمّن يُجِيبُ الْمُضْطَرّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السّوَءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآءَ الأرْضِ أَإِلَهٌ مّعَ اللّهِ قَلِيلاً مّا تَذَكّرُونَ "{ [النمل:62] .
1. الإنسان الساحر
2. ساحر الجن
3. شيطان السحر
4. التابع (الرصد)
5. طالب السحر
6. الإنسان المسحور
الإنسان الساحر:
ساحر الإنس هو في الحقيقة شيطان من شياطين الإنس ، لا يحب الخير أبدا ، يركع ويسجد لشياطين الجن من دون الله ، نُزعت الرأفة والرحمة من قلبه ، همه المال والشهوة وإرضاء أسياده من شياطين الجن ، قذر نجس الباطن والظاهر ، كافر بالله بل لابد لساحر الإنس أن يكفر بالله حتى يكون ساحرا ، يقوله الله تعالى :" وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ " الآية ، يلعن ذات الله ويسب رسوله ، ويكتب والعياذ بالله بعض آيات القران الكريم بمداد نجس ويستنجي بأوراقه ، ويصنع منها حذاء له ، ويطأ المصحف بل يتغوط ويبول عليه ، وعقابه الشرعي ضربة بالسيف تستأصل رقبته من بدنه .
علامات يعرف بـها السحرة:
يقول الشيخ وحيد عبد السلام بالي في كتابه صاحب كتاب الصارم البتار: إذا وجدت علامة واحدة من هذه العلامات في أحد المعالجين فهو من الدجالين والمشعوذين ومن الكهان والعرافين وهو من السحرة بلا أدنى ريب ، وهذه العلامات هي:
(1) يسأل المريض عن اسمه واسم أمه.
(2) يأخذ أثرا من آثار المريض ( ثوب قلنسوة منديل).
(3) أحيانا يطلب حيوانا بصفات معينة ليذبح ولا يذكر اسم الله عليه.
(4) كتابة الطلاسم أو تلاوة العزائم الغير مفهومة.
(5) إعطاء المريض حجابا يحتوي على مربعات بداخلها حروف أو أرقام.
(6) يأمر المريض بأن يعتزل الناس فتره معينه في غرفة لا تدخلها شمس ويسميها العامة الحاجبة.
(7) أحيانا يطلب من المريض أن لا يمس الماء لمدة معينه.
(8) يعطي المريض أشياء يدفنها في الأرض.
(9) يعطي المريض أوراقا يحرقها ويتبخر بها.
(10) أحيانا يخبر المريض باسـمه واسم أمه وبلده ومشكلته.
(11) يطلب طلبات منكره كأن يقول لا تمس المصحف ، أو لا تقرأ القران ، أو لا تصلِ ، أو استمع إلى الموسيقى .
فإذا علمت أن الرجل ساحرٌ فإياك والذهاب إليه ، وإلا ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(َ مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَة )(رواه أحمد). وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم)(رواه مسلم).
ساحر الجن :
يقول سبحانه وتعالى: " وَاتّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشّيَاطِينُ عَلَىَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنّ الشّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحْرَ " الآية . ساحر الجن شيطان من الشياطين الأبالسة ، تمرس وتمرن لسنين طويلة على أعمال الشر والفتنة والشرك والكفر بالله ، خبير بطرق وأساليب السحر والتفريق والأذى ، يوحي إلى وليه ساحر الإنس بخبراته وتجاربه وطرق وكيفية عمل السحر .
شيطان السحر أو خادم السحر :
الإنسان الساحر يتقرب ويتودد ويتحبب إلى كبار عفاريت ومردة الشيطان بفعل كل أنواع الكفر والشرك والفسوق والعصيان ، فتعينه الشياطين وتجعل تحت إمرته وخدمته كثيراً من الجن الأشرار على اختلاف أصنافهم وطرائقهم ، من أجل أن يستخدمهم في إيقاع الضر بالإنسان المسحور .
خادم السحر ( المرسل ) : إذا كان شيطان السحر مرسلا فهذا يعني أنه يمكنه الخروج من جسد المصاب ، ولو شدد عليه بالقراءة يخرج صاغرا ، وربما أرجعه الساحر وقد يخون ويعود من نفسه ، وأغلب شياطين السحر المرسلة هي من المدد الشيطاني الذي يمد به ساحر الجن الى الموكل بالسحر عندما يعجز عن تنفيذ أوامر السحر .
خادم السحر ( المربوط ) : يكون الشيطان مربوطا ومقيدا بالسحر حتى لا يترك المسحور لأي سبب من الأسباب فهو لا يستطيع الخروج من جسم المسحور وقت القراءة ولا بعدها ، حتى يبطل الله سحره .
التـابع ( الرصد) :
لا بد من ذكر حقيقة هامة ، وهي أن كل سحر لابد من متابعته بجن آخر يكون همزة وصل بين الساحر والجن الموجود مع المسحور ينقل إلى الساحر أخبار هذا الجن وينقل تعليمات الساحر إليه ، وايضاً يساعد الموكل بالسحر بالمعاضدة والنصح والتاثير على الآخرين ، وغالبا ما يكون هذا التابع أقوى من الموكل بالسحر وعنده من العلم والدراية خاصة في علاج الجن ، حيث أن بعض الجن يصاب أو يمرض أو يؤذى من الراقي فيأتي هذا التابع لعلاجه أو استدعاء آخرين إذا لم يستطع علاجه بنفسه والله أعلم.
الإنسان طالب السحر:
طالب السحر : إنسان حاقد ، ظالم ، جاهل ، جبان يعمل بالخفاء ، إذا أراد أن ينتقم من إنسان آخر ذهب إلى عدو الله الساحر فيطلب منه أن يفرق بين فلان وفلانه أو أن لا يجعل فلانة تتزوج من فلان أو أن ينفر فلان من أهل بيته ومجتمعه وعمله .. الخ ، يخسر دينه ويغضب ربه ويقحم نفسه في نار جهنم والعياذ بالله يقول الله تعالى : " وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ" . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من تَطير أو تُطير له أو تكهن أو تُكهن له أو سحر أو سُحر له ) رواه البزار ، ويقول عليه الصلاة والسلام : ( اجتنِبوا السّبعَ الموبقات. قالوا: يا رسولَ اللهِ وما هُنّ ؟ قال: الشّركُ باللهِ, والسّحرُ, وقتْلُ النّفسِ التي حَرّمَ اللهُ إلاّ بالحقّ ، وأكلُ الرّبا ، وأكلُ مالِ اليَتيم ، والتّولّي يوم الزّحفِ، وقذفُ المُحصناتِ المؤمناتِ الغافِلاتِ) رواه الشيخان . إن عمل السحر ظلم عظيم والله سبحانه وتعالى يقول: " وَلاَ تَحْسَبَنّ اللّهَ غَافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ إِنّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ " [المؤمنون:42].
وكم أعجب من استخفاف من يدبر السحر من عقوبة الله وهو شديد العقاب، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:( مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجّلَ اللهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدّنْيَا مَعَ مَا يَدّخِرُ لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرّحِمِ ) .رواه ابن ماجة والترمذي وأحمد . ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم العاضهة والمستعضهة. يعني: بالعاضهة: الساحرة، وبالمستعضهة: التي تسألها أن تسحر لها .
يعلم من يطلب السحر أنه يعمل عملا يغضب الله سبحانه وتعالى ، يعمل عملا يدخله نار جهنم من أجل ماذا !؟. من أجل أن لا تتزوج فلانة من فلان أو حسدا لماذا لا يتزوج فلان من فلانه ، لماذا هم أغنياء ونحن فقراء أو حسدا لماذا أبناء فلانة متفوقون في دراستهم وأعمالهم … الخ. يقول اللَّهُ تَعَالَى:" وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ".
يقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ". رواه البخاري
فليتقِ الله من يتعامل مع هؤلاء السحرة لعنهم الله ، وليستغفر الله ويتوب إليه ، وليبطل ما عمل من السحر ، وليكثر من الطاعات والاستغفار لعل الله أن يتوب عليه ، يقول الله تعالى في سورة آل عمران : " وَالّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوَاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلاّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرّواْ عَلَىَ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" ، ويقول تعالى في سورة المائدة" فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ " . وليحذر ويتقي دعوة المظلوم فإنها مستجابة .
أخرج البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ، وعند الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
*وأحب أن أنبه طالب السحر إلى بعض الأمور التالية*
· إن عمل السحر بغي ومكر سيئ ، وجاء في الحديث "والله ثلاث مـن كـن فيه فهي راجعة على صاحبها البغي، والمكر، والنكث " ، أي فشرها يعود عليه ، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "اسْتِكْبَاراً فِي الأرْضِ وَمَكْرَ السّيّىءِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السّيّىءُ إِلاّ بِأَهْلِه " ، وقرأ " يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم" وقرأ "فمن نكث فإنما ينكث على نفسه"
· قد ينعكس السحر عليك ، وهذا يحصل أحيانا .
· غضب الجبار ، يقول سبحانه وتعالى : " وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ" البقرة 102.
· قد يُكشف الله أمرك ويفضحك في الدنيا قبل الآخرة .
· قد لا يحكم السحر بالمسحور ، "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله".
· لو حكم السحر بالمسحور فإنه ليس بالضرورة أن تنفذ أوامر السحر ، يقول تعالى: ( وَلاَ يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتَىَ ) .
الإنسان المسحور:
إنسان مبتلى بسحر من سحره ، فينبغي عليه الصبر على البلاء وليحتسب الأجر والمغفرة عند الله ، وليتخذ من الأسباب الشرعية المباحة في علاج نفسه وإبطال سحره وليرفع أكف الضراعة وليلح في الدعاء فان الله سبحانه وتعالى يقول :" أَمّن يُجِيبُ الْمُضْطَرّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السّوَءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآءَ الأرْضِ أَإِلَهٌ مّعَ اللّهِ قَلِيلاً مّا تَذَكّرُونَ "{ [النمل:62] .
Subscribe to:
Posts (Atom)